You are here

قراءة كتاب نظرية التأويل التقابلي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نظرية التأويل التقابلي

نظرية التأويل التقابلي

كتاب " نظرية التأويل التقابلي " ، تأليف محمد بازي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة ا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 9

سيتبين لمحلل خطاب تأويلية التقابل، أن الأدوات المعتمدة في التحليل تعود إلى حقول معرفية ومنهاجية متعددة، وذلك لا يشكل حرجا معرفيا عندنا، وقد أشرنا أن مرجعياتنا المعتمدة في بناء التصور متعددة وكثيرة، وقد قصدنا الفائدة حيث حصلت، وعلومَ النص حيث اتصلت وتواصلت. وحيثما وجدنا معرفة بانية أخذنا بها، وجعلناها لبنة من لبنات البناء التصوري القائم على التواجه والتقابل المتعدد والموسع، الذي يستقبل اجتهادات الآخرين بصدر رحب، ثم يضعها موضعها ضمن التصور التقابلي بحيث تكون بنَّاءة في الفهم والإفهام، وفي الوقوف على البُنى الدلالية العميقة، وتبيان المستويات الجمالية في النص.

قد نسمع اعتراضا من الذين ينادون بصفاء المنهج، والمحافظة عليه في إطار مرجعيته، ونحن نتفهم هذا البحث عن الصفاء المنهجي والنقاء المرجعي ولا نتقيد به؛ لأن التقابلية في التأويل تغتني من تركيب الأدوات دون مُرَكَّب نقص. وتفسح المجال للتعدد المرجعي، وتساند الأدوات ومحصلات الاجتهاد البشري في العلم بالنص، والعلم بتأويله أينما حصلا؛ ولذلك فهي تستفيد من الأدوات السيميائية، والدلالية، والبنيوية، والنسقية، والاجتماعية، والبلاغية القديمة والحديثة، واللغوية والسياقية والتأويلية...

من التركيب يغتني العلم بالنص، وهذه قناعة تعبر عن "ضيق" النظرية الأحادية المؤَطَّرة عادة بخلفية فلسفية، أو تاريخية، أو سياسية، أو معرفية، وتسعى إلى تشكيل منهاجية شمولية، ومعرفة عالمة بالنص من منطلقات تقابلية كونية تأسست عليها صناعة النص، وتتأسس عليها بعد ذلك تأويلاته، مستفيدة من منجزات البلاغة وأنحاء النص، ومن الاجتهادات الحاصلة في علم تأويل النصوص على اختلاف أنواعها.

يذهب أحد الباحثين إلى أن كل "نظرية في العلوم الإنسانية والأدبية هي تلفيق بمعنى ما"[2]. واللِّفاق ضم أطراف الثوب وخياطتها، وتلافق القوم تلاءمت أمورهم[3]، والتلفيق بين المعارف والمراجع ضَمُّ ما تلاءم منها في بناء منهاجي منسجم؛ وقد أشرنا أن نظرية كريماص مثلا اعتمدت على اللسانيات البنيوية، والتوليدية، والأنثروبولوجيا، والدلالة المعجمية، والمنطق، والبيولوجيا، وهلم جرا. وعلم التفسير في الثقافة العربية الإسلامية كان مزيجا متناغما وبديعا من علم اللغة، والبلاغة، وعلم النحو، وعلوم القرآن، وأصول الفقه، وأسباب النـزول... وبالتالي فالتساند في العلم بالنص والعلم بفهمه أمر مطلوب. كما أن الدعوة إلى الصفاء المنهجي يمكن أن تُوجَّه إليها نقود معرفية تبين انحصارها وأحادية رؤيتها، وعدم كفايتها التأويلية، وتسخير نظريات معينة لتحقيق أهداف خاصة.

مقابل ذلك، تبحث التقابلية عن تأويلية بليغة تستند إلى نتاج العلم بالنص أينما تحققت، وبأي حقل معرفي نشأت أو نمت: نظريات الانسجام مثلا، أو التماسك، أو التشاكل، أو التعالق، أو التضام، أو نظريات المعنى، أو نظريات العتبات النصية، أو النظريات السياقية، وغيرها، شرط التوافق مع طبيعة النص، وهو أمر موكول إلى الناقد أو المؤَوِّل الذي يعرف في أي حدود منهجية ومعرفية وثقافية يشتغل على النص، ويمكنه إغناء تأويله بما يراه علما مناسبا متوافقا.

وفي الأخير، فإن التصورات التأويلية المقدَّمة والمعتمِدة على التقابل والتساند لا تدَّعي نهاية العلم بطرائق التأويل أو بناء المعنى، وإنما تحاول تقديم مقترحات منهجية تناسب التطورات الحاصلة في العلم بالنص وتحليل الخطاب. إذ "لا وجود لنظرية تقدم نفسها بديلا مطلقا للنظريات الأخرى، وشموليةُ نظريةٍ تكمن في قدرتها على التحاور مع نظريات أخرى، تتقاسم معها موضوعا واحدا للدراسة"[4].

Pages