You are here

قراءة كتاب نظرية التأويل التقابلي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نظرية التأويل التقابلي

نظرية التأويل التقابلي

كتاب " نظرية التأويل التقابلي " ، تأليف محمد بازي ، والذي صدر عن منشورات الضفاف للنشر والتوزيع ، نقرأ من مقدمة ا

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 6

اللوح الثالث

نقدم للمهتم بتطبيق آليات تأويلية التقابل مجموعة من المنطلقات التصورية والمنهجية، كما بوسعه أن يقف عليها بنفسه من خلال المقاربات التأويلية التي قمنا بها لنصوص مختلفة، وهي إجراءات تنـزع نحو التبسيط، والوظيفية، وتدرُّج المستويات؛ بحيث يكون الانطلاق من التقابلات الخِطابية: تقابل المرسِل والمرسَل إليه - بما يضيء التجربة التأويلية - مناسبا، وفي هذا المحفل يحصل تأطير النص، وربطه بمواد معرفية تُوَسِّع الأفق التصوري للتجربة القرائية، ينتفع فيه المؤَوِّل بالبحث في المراجع التاريخية، والأدبية، والنقدية، والسياسية، والاجتماعية، وغيرها، لاستحضار تقابل السياق الأصغر والسياق الأكبر للنص موضوع التأويل. وعلى ضوء ذلك تنبني الأنساق المعرفية التي تؤطر تجربة الفهم وبناء المعنى، انطلاقا من التقابلات المؤَطِّرة التي تفضي إلى التقابلات المؤَطَّرة داخل النص، والتي تشكل صورة كلية لشبكات المعنى في نموها وتفاعلاتها.

وقد يقال: إن في هذا شبَها بالمناهج الاجتماعية والتاريخية التقليدية. ونقول: إن أهمية هذا المنحى في الاشتغال كامن في وظيفيته وجدواه، والتشابه لا يعني المحو أو الاتكالية، وكثير من المناهج تتشابه وتلتقي في محاور معينة، لأنها تأسست من أجل مطلب واحد هو قراءة النص الأدبـي وغير الأدبـي. وطبيعي أن النص باعتباره البناء الدلالي العام المجرد عندما تتوجه إليه اهتمامات نقدية متباينة المشارب، فلا بد أن تتقاطع فيما بينها في مناحي المقاربة. ورغم كثرة المناهج النقدية فهي ترتد حسب أولوية الاهتمام إما إلى قراءة النص بناء على مرجعياته الاجتماعية أو السياسية أو التاريخية. وإما إلى الاشتغال وفق منطلقات نصية بنائية لسانية أو سيميائية أو نحوية أو بلاغية. وإما إلى جماليات التلقي عبر تفعيل أدوار القارئ وبلاغات التأويل.

غير أن الذي يحرك منهاجيتنا هو الرؤية التقابلية للنص والعالم، ولطرائق تشكل المعنى وتأويله، ولذلك يمكن أن ينتفع المؤَوِّل التقابلي بالبنيات النصية العتبية، عبر فتح باب الفهم انطلاقا من العتبات المقابلة للنص، والاستفادة من نظريات الموازيات النصية: العناوين والمقدمات، والتمهيدات، وغيرها، لبناء فرضيات قرائية، وصياغة أفهام أولية في طور التشكل تسعى إلى التحقق من القصديات المتقابلة: قصدية المؤلِّف، وقصدية النص، وقصدية المؤَوِّل. وهو ما يجعل التأويلات الأولية موضع سؤال، وفي حاجة إلى التحقق منها اعتمادا على دلائل نصية ومرجحات صريحة.

يمكن أن ينطلق تأويل النص بالتقابلات من التقابل النووي إلى التقابلات الاستتباعية، عبر القراءات المتكررة والمتناوبة، والتي تستعين بالمعارف اللغوية المعجمية، والمواد المعرفية المختلفة التي تمد بها الموسوعة أو العلوم أو الذاكرة، أو النصوص الشبيهة. ويُستعان فيها - كذلك - بعلم النحو، وعلوم البلاغة، والصرف؛ فهي تسهم في تحديد التقابلات السطحية المنطلق والتقابلات الهدف العميقة. وبناء على قوة الاستكشاف، ودقة الفهم، وعمق البحث والتوسع، يتم تحديد التقابلات المعنوية في النص بناء على التحليلات السابقة. ومن ثمة بناء مقصدية النص في تقابل مع مقصديات أخرى ممكنة أو محتملة. كما بوسع المؤَوِّل ربط التقابلات الدلالية بالتقابلات الشكلية أو الجمالية التي صيغت فيها التجربة القولية، فكل نظام من المعنى يتطلب نظاما من شكل القول، وهو ما يسمح بتتبع تطور أشكال التعبير عن المعاني في الأدب، وتطور الخطاطات الذهنية المتحكمة في ذلك، كما يكشف عن تاريخ الأنساق التعبيرية في تاريخ أدب معين.

Pages