كتاب " الفلسفة في الحاضر " ، تأليف آلان باديو و سلافوي جيجِكْ
You are here
قراءة كتاب الفلسفة في الحاضر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تصدير المحرّر
كان الرئيس الفرنسيّ الأسبق فرانسوا ميتران معروفًا بدعواته للفلاسفة إلى الإليزيه خلال فترة حكمه بهدف مناقشة المسائل السياسية والاجتماعية. وبذا قام بوضع نفسه في تقليدٍ راسخٍ تسعى فيه السلطة المستنيرة للاقتراب من الفلاسفة ولاكتساب الشرعية من هذا التقارب. لا نعلم ما إذا كانت هذه اللقاءات قد أثّرت على القرارات السياسية لميتران أم لا، ولكنه، على الأقل، بقي في ذاكرتنا كرئيسٍ مثقف.
وسواء كانت نصائحهم تؤخذ على محمل الجد أو أنهم استخدُموا كديكور، فمن المعتاد، حقيقةً، عدم خروج المثقّفين المدعويّن إلى مثل هذه المناسبات بشعور جيد. وبالرغم من ذلك، يبدو أن دعوتهم إلى طاولات السلطة تشكّل مصدر إغراءٍ شديدٍ لهم.
إن الأزمنة التي كان فيها لفلاسفة مثل سيمون دو بوفوار أو جان بول سارتر، أو ميشيل فوكو أو جان-فرانسوا ليوتار قولٌ بشأن الأحداث المعاصرة، أو حين يتم اعتبار اقتراحاتهم لتحسين الأوضاع مهمةً، قد أصبحت من الماضي. فاليوم، حتى متمثّلو الفلاسفة الذين حلّوا محلّ الفلاسفة في السبعينات، تمّ استبدالهم بالفنانين وعارضات الأزياء، أو بلاعبي كرة القدم والملاكمين.
وبذا، قد يكون ثمة إغراءٌ لنتحدث عن عصرٍ ذهبيٍّ كان فيه رأي الفلاسفة لا يزال ذا قيمة؛ ولكن هل كانت أزمنةً أفضل حقًا؟
بكل الأحوال، لم يمضِ زمنٌ طويل مُذْ كنا نتحدث عما كان عليه دور الفيلسوف كارل ماركس في النظام التوتاليتاريّ للكتلة السوفياتية. ألم يكن السفّاح [الكمبوديّ]بول بوت مثقفًا متعلمًا في باريس؟ كم عدد من قُمعوا، وطُردوا,أو اعتُقلوا, أوقتلوا خلال الثورة الثقافية الصينية؟
إن السؤال الذي ينطلق منه الكتاب، عمّا إذا كان يتوجّب على الفيلسوف أن يسهم في الأحداث المعاصرة وأن يعلّق عليها، هل تتمّ مقاربة السؤال المتعلق بدور المثقفين في مجتمعنا بأسلوب محدَّدٍ فلسفيًا؟ لم يعد كافيًا مجرّدُ الإجابة بأن على الفيلسوف ألا يكتفي بتفسير العالم، بل ينبغي أن يغيّره.
يجب أن تأخذَ إجابةُ هذا السؤال في الاعتبار تطرُّفَيْن اثنين. فمن جانبٍ، تُثقل مشاركة المثقفين في جرائم القرن العشرين بشدة على الفهم الذاتيّ لهذه الجماعةالمجتمعية، على الأقل بقدر ما تحافظ على ذاكرةٍ عمليّةٍ للتاريخ. ومن جانبٍ آخر، يمكن أن نسأل أنفسناما إذا كنا سنستفيد حقًا فيما لو سمحنا لعارضات الأزياء، مقدّمي البرامج، الرياضيين، وجماعاتٍ مماثلة باحتلال مكان المثقف في مجتمعنا الإعلاميّ المعاصر.