أنت هنا

قراءة كتاب المكانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المكانية

المكانية

هذا الكتاب هو مضمون الأسئلة الأربعة والخمسين التي وجهها الجبوري للناقد ياسين النصيّر والتي شكّلت مناخ الكتاب لم توصلنا إلى طمأنينة الأجوبة بعد أن فتحت بابا على أربعة عقود من الحراك والكتابة والمنفى عاشها الناقد ياسين النصّير سيد نفسه في المكان لا كاتبا مؤدل

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
لماذا ياسين النصير .. ؟
 
للوهلة الأولى يظهر السؤال مرة واحدة وأنت تتابع الحوار، لكنَّه سرعان ما ينغمر مع كل محور من محاور الكتاب لتعرف مدى أهمية التجربة النقدية التي شرع بها النصير وهو يؤسس منذ السبعينات من القرن الماضي منهجاً جديداً، ويفتح أبواباً لم تكن ملموسة في الثقافة العربية ، ففي كتابه (القاص والواقع) الصادر عام 1975 نجد أَنّه تَعَامَل مَع المكان في دراسته لمنجز القاص (محمد خضير) بعد ظهور مجموعته القصصية (المملكة السوداء) عام 1972 يومها لم يكن احد يعرف (باشلار) أو غيره من الفلاسفة الذين درسوا المكان وقَدّموا طروحاتهم المهمة في هذا الجانب ، لقد واجه مشروع (ياسين النصير) في البداية الكثير من (المطبات) ، وهذا ما جعله أكثر إصراراً ، في فترة كانت الحياة السياسية في العراق تعاني من انقلابات خطيرة على الصعد كافة..
فالنقد العراقي – برأيي – يتعكز دائماً على ما ينتجه (الغير)، ان لم نقل بأن النقد الأدبي والفني ولد بلا تقاليد سابقة ، انه نقد صحافي وانطباعي سريع، وربما كانت هذه الظاهرة هي إحدى الأزمات التي لاحقت الخطاب النقدي المعاصر طيلة الفترة المنصرمة .
إنَّ ظهور جيل من الأسماء التي رَسَخَّت مفهوم المكان إِبداعياً على مستوى القصة والرواية وبقية الفنون الإنسانية ، جعلت من (ياسين النصير) رائداً يشير له بالفضل كلُّ من إهتمَّ بهذا الموضوع في حياتنا وثقافتنا المعاصرة، حتى بات المشروع جزء من عناوين كتّاب وشعراء لهم مكانتهم في الثقافة العراقية كـ (محمد خضير وخضير عبد الأمير ولؤي حمزة عباس وطالب عبد العزيز وحامد فاضل) وكثيراً ما كان الكُتّاب يتناولون بالدرس والتمحيص ، البيوت والمراحيض والمنزل القصي والبروج والاقبية والأضرحة والصحاري والماء ، وغير ذلك ..
وكان الناقد ياسين النصير متابعاً لكل شاردة وواردة ، ويحيط بالدرس والملاحظة ، بحيث نجد أَنَّ كتاباته الأخيرة حول (المكان) أصبحت نوعاً أدبياً مستقلاً ، وله خصوصيته الأُسلوبية ولغته وموضوعة تكوينه ، هو نوع أَدبي إنبثق من مجموعة من الأَنواع السابقة دون أنْ يكون تابعاً لها ، وقد أَطلق عليه (المدونة المكانية) وبالطبع من يريد تقصي الموضوع سيجد أنه قد فعّل الكثير من المفاهيم في حوارنا هذا .
من جانب آخر، ارتأيت بأن الحوار مع ناقد مارس الكتابة النقدية في أهم مجالات المعرفة (الأدب ..الفن ..الفكر ) , لفترة ليست بالقصيرة (كما ذكرنا) , إنما يعد بالنسبة لي فرصة لاغتناء معرفي , كنت احلم بها قبل اللقاء , خصوصا وان المرونة التي يتمتع بها ياسين النصير , جعلتني أغتنم فرصة مفاتحته في احد فنادق البصرة وبالتحديد في مهرجان المربد/ 2006 , بالإضافة إلى ذلك , كانت دراساته النقدية الحديثة التي ينشرها بشكل دوري في الصحف والمواقع الالكترونية , المحفز الكبير لمحاورته , وكانت الأرضية الخصبة لفحوى اللقاء .. لكن حقيقة الحوار وطبيعة صياغته , أخذ يكشف لي بين فترة وأخرى أهم ارتكازات مشاريعه, فبعض الإجابات كانت بمثابة (بيان) مهم في مجال معين في فصول الكتاب .. خصوصا بعد تأسيس نظرية معرفية درست جيدا , الا وهي (التدميرية الصيانية) , وكيفية تطبيق هذه النظرية على بعض المشاريع السردية ..
كل هذه الجوانب , وغيرها دفعتني لأن أُكرّس الوقت الكافي لقراءة أغلب ما أَصدره من مطبوعات وبحوث في تجربته ولشهور عدة , وقد وجدت نفسي واقفا على عتبة دار الباحث ناجح المعموري ليسلمني بعض الكتب التي لم تتوفر بين يدي حينها عن النصير فكانت بحق مهمة حساسة , بل انتقالة حقيقية لخلق نمط معرفي عن طريق قراءة وطرح المنجز الإبداعي بهذه الحوارية ، فحين نقف أمام فصول الكتاب , انما نقف على طروحات مهمة تضاف إلى الطروحات السابقة في مجالات الأدب والفن والفكر، طرحها الناقد النصير برؤى دقيقة .. وبحفريات جمالية وفلسفية ، حتى أنني شعرت بأن النقد بفروعه كافة ، فتح لي (تابواته) , مما يؤكد اختياري له كمثقف له شمولية معرفية واسعة ..

الصفحات