هذا الكتاب هو مضمون الأسئلة الأربعة والخمسين التي وجهها الجبوري للناقد ياسين النصيّر والتي شكّلت مناخ الكتاب لم توصلنا إلى طمأنينة الأجوبة بعد أن فتحت بابا على أربعة عقود من الحراك والكتابة والمنفى عاشها الناقد ياسين النصّير سيد نفسه في المكان لا كاتبا مؤدل
أنت هنا
قراءة كتاب المكانية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
التحولات الثقافية والفكرية في حياة النصير
منذ الفترة الأولى من حياته الإبداعية كان ياسين النصير يتشبث بكتاب مثل (الأزمنة والأمكنة) ، وهو يتحدث حول الجغرافيا الثقافية في بداية الستينات .. وهو يطرح وبشكل محبوك تاريخ أَمكنة أَفريقيا ، وعن بقاياها وآثارها ، فقد منحه القدرة على السفر إلى أَماكن لم يشاهدها .. أَماكن مليئة بكل ما هو غرائبي ، وهو – أي النصير – ابن حضارة ودين مختلف ، وبقي هذا الحلم عبر الأماكن ملازماً له مع كل يوم يكبر فيه إدراكه للعالم الذي استهل العيش فيه بداية الأربعينات من القرن الماضي ، حتى أَكمل دراسته الأولى في دار المعلمين ليصبح ضمن هذا النطاق ، وبعدها دخل الجامعة المستنصرية ليدرس (علم النفس) ، ومع الحضور الثقافي المميز له وانضمامه أو التصاقه بشكل كبير في مجال العمل السياسي/ الثقافي في العراق، جعل رجال الأمن يلاحقونه كثيراً مما أثّر على دراسته الجامعية خصوصاً في السنة الأخيرة .. على الرغم من اشتغاله كعضو للهيأة الإدارية لاتحاد الأدباء العام في العراق (لدورات عدّة) ، وأيضا اشتغاله في صحيفة (طريق الشعب) الصحيفة الأكثر شهرة في الساحة العراقية ذات الاتجاه اليساري ، لكن ماذا بعد ذلك .. ففي العام (1979 – 1980) تغير الواقع العراقي بالكامل من خلال هيمنة حياة الحرب والموت والتبعيث الذي ألزمه النظام السابق على الشعب العراقي، مما يعني المطاردة لكل من يمارس سياسة غير سياسة التبعيث، فكانت الملاحقات الأمنية والاستخباراتية من قبل النظام السابق على ياسين النصير واضحة ومؤثرة عليه ، وكان له خيار الخروج من البلد، تحقق ذلك عام 1991/1992 ، حيث سافر إلى البلد الشقيق (الأردن) ليقيم هناك ثلاث سنوات في غرفة صغيرة .. غرفة جعلته يكرس بؤرته الأولى للانطلاق صوب تأثيث منجزه عن المكان (عمان) ، ثم عمل في مؤسسة المدى لفترة قصيرة ، حتى حصل على حق اللجوء إلى البلد الأوروبي (هولندا) في كانون الثاني من عام 1995.
في أوروبا قارة الحريات ، وفي هولندا تحديداً ، كان (النصير) مليئأً بالتجربة الثقافية، وله الاسم المميز في الثقافة العربية ، وقد اكتملت رؤاه مع استرخائه النفسي وانطلاقه صوب تأسيس صالون ثقافي اسماه (صالون ثقافة 11) ، استطاع ان يقيم فيه الحلقات النقاشية والمحاضرات المهمة ، بالإضافة تأسيسه جريدة ثقافية حملت الاسم نفسه، تلك الجريدة التي اعتنت عناية خاصة بالمثقفين العراقيين والعرب ثم أسّس مع مجموعة من المثقفين العراقيين (مؤسسة ثقافة 11) في بلجيكا، وكذلك مؤسسة ( أكَد ) للثقافة والفنون والنشر في هولندا وتحديداً بتاريخ 5-6-2000 ومازالت تُقدّم برامجها السنوية .. ولعل أهم أنشطتها : (ثلاث دورات لمهرجان السينما الوثائقية العراقية) الذي ابتدأ نشاطه عام 2003 وكان أول مهرجان للسينما العراقية الوثائقية في المهجر (حسب وثائق النصير).