أنت هنا

قراءة كتاب المكانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المكانية

المكانية

هذا الكتاب هو مضمون الأسئلة الأربعة والخمسين التي وجهها الجبوري للناقد ياسين النصيّر والتي شكّلت مناخ الكتاب لم توصلنا إلى طمأنينة الأجوبة بعد أن فتحت بابا على أربعة عقود من الحراك والكتابة والمنفى عاشها الناقد ياسين النصّير سيد نفسه في المكان لا كاتبا مؤدل

تقييمك:
1
Average: 1 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
أولهما: الاهتمام بالمكان كثيمة قارة في بنية النص الأدبي والفني، فبدأ المكان مفهوما ومصطلحا نقديا مسلما به.ويعني هذا أن المكان هنا معطى خارجي وليس بنية داخلة في تركيب النص.
ثانيتهما: الاِهتمام أكاديميا بدراسة المكان. إنَّ هذه الدراسات التي تخرج يوميا من أروقة الجامعات ومراكز البحوث، والمجلات التي عنيت بالمكان، تصنع تاريخاً جديداً للنقد وللدراسة، وأنا فخور جداً بهذه الإنجازات التي لا أدعي أنها ظهرت كلها بسببي، ولكن ما قدمته من دراسة مبكرة كانت سبباً مباشراً في هذه النهضة النقدية المتميزة- لدي عدد من الدراسات الأكاديمية والأدبية أشارت إلى ما كتبته واعتمدت عليه- ويعود الفضل في الانتباهة لكتبي تلك، لما كتبه النقاد في المغرب وفلسطين ومصر، في تأكيد اهتمامي الأول نقدياً على الساحة العربية بالمكان. في حين حاول البعض من النقاد العراقيين أن يطمس ما قدمته وأن يلغيه.
وثالثتهما: ظهور كتابة مكانية إبداعية، من مميزاتها أنها تعالج أمكنة شعبية وعادية وبسيطة: مقهى، شارع، زقاق، حانة،قلعة، مرحاض، صحراء...الخ. سابقا كانت الكتابات عن المكان تتمثل بالكتابة عن المدن: القدس، القاهرة، بغداد، دمشق وغيرها، وهي الشكل الفني لمكان المدينة، وليس للمدينة المكان. وبالطبع لا تعني الكتابة عن المدينة بالصيغة تلك، كتابة عن المدينة مكانيا. اليوم تحولت الكتابة عن المدينة المكان، إلى الكتابة في المكان المدينة، وهو شكل آخر وجديد عما سبق. من هنا تحولت الأمكنة إلى نصوص إبداعية وليست نصوصا تعليمية أو وظيفية أو أرشيفية. شخصيا أطمح لظهور النص المكاني وهو مختلف جداً عن القصة أو القصيدة أو المسرحية أو الرواية، يمكن أن نقول عنه أنه نوع أدبي جديد. ربما سيكون المكان نوعا جديدا في الكتابة الإبداعية يحتوي السرد كما يحتوي الشعر والفوتوغراف والحوار والتشكيل وهو مهيأ فنيا وتوصيفا لمثل هذه النقلة.. وسيجد النقاد اللاحقون في هذه الإضافة تطورا بنيويا للنص وللنقد معاً. وهذا ما أطمح إليه في وصول الاهتمام بالمكان إلى مرحلة تتجاوز التوصيف إلى الممارسة. أستطيع أن أعدد أسماء عراقية بدأت تكتب في المكانية يفوق ما كتبه باشلار وغيره. المكان العراقي الذي أمتحن بمشكلات المجتمع العراقي والسياسة والحروب وبالتاريخ، يجد الآن نفسه في مقدمة المواضيع التي تفرض على الكتاب لغته وحضوره. خذ مجلة "هلا" مثلا وهي واحدة من المجلات التي تهتم بالمكان العراقي، تجدْ فيها عددا من الدراسات الجديدة التي تعلن عن ميلاد كتابة جديدة.خذ ما كتبه لؤي حمزة عباس عن الأمكنة في زمن الحروب،" المراحيض"وما كتبه طالب عبد العزيز، وخذ ما كتبه محمد خضير قبل ذلك بكثير عن البيوت المعزولة والمنزل القصي والبروج والأقبية والأضرحة والمزارات والماء وغيرها، فشكلت هويته القصصية المتميزة. وخذ ما كتبه موسى كريدي عن النجف، وخضير عبد الأمير عن محلات بغداد وعبد الستار ناصر عن الطاطران والقشلة والبتاوين، وخذ ما يكتبه القاص فاضل حامد عن الصحراء والرمل وثقافة الفراغ، وما كتبه القاص صبري هاشم عن الصحراء ومالك المطلبي عن المقهى. وغيرها. إننا في مرحلة العودة إلى تاريخ الأشياء وعلاقتها بتاريخ الإنسان. كل هذه المتغيرات في الكتابة جاءت من ثورة ثقافة المكان، ووجود قدرات أدبية متطورة تعي أن المكان ليس وعاء خارجيا لاحتواء الفكرة والموضوع، بل هو نوع كتابي جديد، له لغته الخاصة، وموضوعه الخاص،وطرق تنفيذه الخاصة. وسيكون فيه ثمة شعر وقصة ومسرحية ورواية وسينما ونحت وتصوير،دون أن تكون فنونا مستقلة وخارجة عنه. لذا فهو أقرب من أي فن آخر لفاعلية الزمن المستمر فيه، وسيكون له تأثير مباشر ومغير على مسار الأنواع الأخرى. أستطيع أن أصف لك وبوضوح طرق الكتابة المكانية الحالية:

الصفحات