إذا كانت اللغة وسيلة إنسانية لتوصيل الأفكار، والانفعالات، والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية كما رأى معظم الباحثين التقليديين، فإن الإعلام يهدف إلى: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تك
أنت هنا
قراءة كتاب الإعلام واللغة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
المقدمـــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وبعد:
إذا كانت اللغة وسيلة إنسانية لتوصيل الأفكار، والانفعالات، والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية كما رأى معظم الباحثين التقليديين، فإن الإعلام يهدف إلى: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع، أو مشكلة من المشكلات، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن عقلية الجماهير، واتجاهاتهم، وميولهم.
وبذا تتضح العلاقة بين اللغة، والإعلام، التي حاولنا في هذا الكتاب إلقاء المزيد من الضوء في تبيان حقيقتها، ثم اشتراطات هذه العلاقة من حيث سلامة اللغة الإعلامية، التي لا تخرج عن إطار اللغة النثرية في التعبير عن الفكرة، وصياغتها في رموز لتكوين الرسالة الإعلامية، وهذا بخلاف ما ذهب إليه بعض الباحثين الإعلاميين الذين عدّوا (لغة الإعلام) أحد مستويات اللغة في مقابل: الشعر، والفنون عامة (المستوى الفني)، والعلوم (المستوى العلمي).
لقد جاء الكتاب في خمسة مباحث استعرضنا في (المبحث الأول) تعريفات اللغة من وجهات نظر مختلفة، ثم انتقلنا إلى عرض ما توصل إليه الإعلاميون من تعريف للإعلام، مرجحين بعض التعريفات على بعضها الآخر منطلقين من قناعة ضرورة وجود (معنى) حتى يمكن لدائرة الاتصال أن تتم، وتؤدي دورها في الإبلاغ، وإن من أهم اشتراطات سلامة المعنى: سلامة اللغة بحكم كونها وسيلة اتصالية .
وفي المبحث الثاني (لغة الإعلام) كان لـ(لعنصر الدلالة) العناية الكبرى، وذلك لأن عناصر أية لغة ترجع إلى أمرين،هما: الصوت والدلالة.
وتتكون الدلالة من: معاني المفردات (Lexicology) وقواعد التنظيم ــ النحو syntax))، وقواعد البنية ــ الصرف (morphology)، وقواعد الأسلوب – البلاغة(Rhetoric) ، وذلك لأنها تشكل نظام الرموز التي تصدر بطريقة إرادية قصد التعبير عن غرض معين، ولاسيما إذا كانت هذه الرموز مكتوبة، فضلاً عن أن هذه الأقسام الأربعة هي مكونات (الرسالة الإعلامية) التي تعد العنصر الثاني في عملية الإتصال (communication) التي لا تخرج عن إطار اللغة الفصحى.
أما المبحث الثالث (مستويات اللغة) فقد عالجنا فيه (المستوى الفني) إذ عرف العرب قيمة لغتهم، ورقيها، وجمالها، فحرصوا على تجويدها، كما تجلى هذا الحرص على سلامة اللغة (نطقاً وكتابةً) وبلاغتها في شدة إيجازها، وفخامة لفظها بأسلوب غير معقد اتضح في صياغة العبارة، والميل إلى التلميح، والإشارة. وفي مقابل المستوى الفني كانت لنا وقفة مع (المـستوى العملي) الـذي ضـمَّ نوعين مـن الـنـثر، هـما: النثر العلمي، والنثر الصحفي (الإعلامي) لأني آثرت أن يكونا قسماً واحداً في مقابل (النثر الفني)، وأن ما يصطلح على تسميته بـ(اللغة الإعلامية) يدخل في صميم النثر العملي شأنه في ذلك شأن لغة العلوم عامة، ولكننا اصطلحنا على تسمية كل منهما بـ(الأسلوب العلمي)، و(الأسلوب الإعلامي).