(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج
أنت هنا
قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
هايدي سنوات الترحال والتعلم: محور الأخلاق والمشيئة الإلهية
تحليل للرواية
هايدي، فتاة قضى والداها نحبهم في حادثتين. الأب، توفى اثناء عمله، والأم ماتت شوقاً على الأب. وبقت تلك الطفلة اليتيمة تحت رحمة خالتها ديتا تلك التي لا تهتم بشيء سوى المال، والتقدم في المناصب، والحصول على منصب مدبرة منزل في مدينة فرانكفورت المشهورة.
انتقلت هايدي للعيش بعد أن بدأت ديتا تعمل في فرانكفورت مع ماليسا العجوز التي كانت تقضي أيامها في الجلوس على كرسيها الهزاز والحياكة، والمناداة على هايدي كي لا تخرج من المنزل. ونشأت هايدي في هذه الاجواء معقدة ومنفتحة على الخيال. وقضت أربع سنوات في هذه الحالة حتى جاء ديتا عرضاً لا يمكن لها أن تغفله، أو تتوانى في الحصول عليه، منزل في فرانكفورت وبمرتب جيد، وكان عليها أن تترك المنزل الذي احسن إليها وأكرمها فقط للمال والطموح في الحصول على مرتبة مدبرة المنزل. وكان العائق الوحيد في هذه الوظيفة هي هايدي، فاين تراها سترمي بتلك الفتاة؟ خصوصاً إن عليها السكن في نفس المنزل، وهذا يعني عدم رؤية أو الانفاق على هايدي بعد الآن، اذن ما كان امامها إلا الذهاب إلى الألب. وماذا في الألب؟
في الألب يسكن العم الم، ذلك العم الذي انفق على نفسه وكل ثروته وبددتها في لا شيء سوى القمار والترفيه، وماذا كانت النتيجة، انه خسر كل شيء. ابنه توباز الذي تزوج من دون أن يرضى أو يبارك هو الزواج، وخسر زوجته، وخسر كل ما يملك. ذلك العجوز الذي أرعب الناس ولا يتجرأ احد على التكلم معه. ذلك لانه كان لا ينزل من كوخه في قمة الجبل المعزول عن المدنية في ابسط صورها، وما كان ينزل إلا لبيع ما تعمل يداه من اعمال خشبية. هايدي الرقيقة التي تفوح عذوبة وبساطة وتلقائية، مع هذا الرجل العجوز الكئيب متحجر القلب. كيف يمكن أن تفكر ديتا في هكذا صورة فسيفسائية غير متجانسة؟ كانت هذه اول نوبات ديتا الجنونية في الرواية طمعاُ في مناصب تحقق لها المكسب الوفير والمكانة الاجتماعية الراقية بين الناس. وهنا لا يمكن لنا أن نتصور كيف كان حديث ديتا ليس مع الجد بل قبلها مع أحدى النسوة التي التقت بديتا في القرية. فبعد أن سألتها المرأة البدينة عن وجهتها وجوابها في الذهاب إلى العم الم، قالت المرأة البدينة:
" أنتِ لا ترغبين حقاً في تركها هناك، يا ديتا. لابد انك قد فقدتِ عقلك، بمجرد التفكير في الذهاب إليه. أني متأكدة بأن العجوز سيطردك بمجرد أن يراكِ وسوف لن يصغي إليكِ حتى."
كان هذا صوت خارج من أعماق القارئ، وليس من تلك المرأة البدينة. وهذا يعكس أيضا عمق الاستهتار بالواقع وعمق الطمع عند ديتا. فكيف لها أن ترسل هذه الفتاة الرقيقة إلى هذا الرجل المتكبر؟ كيف لها أن تفكر ولو للحظة أن هذه الفتاة قد تموت قهراً بين يدي هذا الرجل؟ ولكن ماذا كان جوابها:
"ولما لا؟، أليس هو جدها، وآن الأوان بأن يفعل شيئا ما للطفلة. لقد اعتنيت بها حتى هذا الصيف، ولكني عرض علي مكان جيداً. ولا يمكن للطفلة أن تكون عائقا أمامي للموافقة عليه. أرأيت!"