(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج
أنت هنا
قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
"إلى أين تأخذين هذه الطفلة، يا ديتا؟ هل هي الطفلة التي خلفتها أختكِ؟" سألت الوافدة الجديدة.
"نعم، أني أصحبها إلى العم ألم حيث يجب أن تبقى." أكدت ديتا لها.
" أنتِ لا ترغبين حقاً في تركها هناك، يا ديتا. لابد انك قد فقدتِ عقلك، بمجرد التفكير في الذهاب إليه. أني متأكدة بأن العجوز سيطردك بمجرد أن يراكِ وسوف لن يصغي إليكِ حتى."
"ولما لا؟، أليس هو جدها، وآن الأوان بأن يفعل شيئا ما للطفلة. لقد اعتنيت بها حتى هذا الصيف، ولكني عرض علي مكاناً جيداً. ولا يمكن للطفلة أن تكون عائقا أمامي للموافقة عليه. أرأيت!"
"هذا لا يشكل أي صعوبة لو كان العجوز كبقية المخلوقات البشرية. ولكنك تعرفينه جيدا. أنى له أن يعتني بأي طفل خصوصاً تلك الطفلة الصغيرة؟ سوف لن تصبر معه، أني متأكدة من ذلك! ولكن أخبريني عن رأيكِ؟"
" أني منتقلة إلى منزل رائع في مدينة فرانكفورت. فقد سافر بعض الناس إلى الحمامات في الصيف الماضي واعتنيت بغرفهم. وبدا إنهم أعجبوا بي، وقرروا أن يصطحبوني معهم في الحال، ولكني لم أتمكن من الرحيل. لقد عادوا الآن وأقنعوني بالذهاب معهم."
"يسعدني بأني لست هذه الطفلة! لا أحد يعلم أي شيء عن حياة هذا العجوز هناك. فهو لم يتكلم مع أي إنسان،ولا يزور الكنيسة إلا بنهاية كل عام. والناس تهرب من أمامه عندما يظهر كل سنة بيننا. أننا جميعا نخشاه أنه تماما كالبرابرة أو الهنود الحمر بحاجبيه الرماديين ولحيته المتجعدة. وعندما يتجول في الطريق بعكازه الملتوي يخشى أي شخص أن يقابله لوحده." قالت باربرة بتعجب مع رعشة خوف في جسدها.
"هذا ليس ذنبي، فهو لن يؤذيها؛ ولو فعل، فهو المسئول وليس أنا." قالت ديتا بعناد.
" ليتني اعرف ماذا يؤثر على ضمير العجوز. لماذا تملئ القسوة عينيه ولماذا يعيش هناك وحيدا تماما؟ لم يراه فرداً واحداً، ولطالما سمعنا الكثير من الأشياء الغريبة عنه. الم تخبرك شقيقتك أي شيء عنه يا ديتا؟"
"بلا، أخبرتني، ولكن علي حفظ لساني. فهو سيجعلني أدفع الثمن لو لم افعل."
مضت على باربرة فترة طويلة من الزمن وهي يدفعها الفضول والتلهف إلى معرفة أي شيء يخص عزلة العجوز وبقاءه بعيداً عن أي مخلوق أخر. لم يبلغ أي فرد كلمة طيبة منه، وعندما يتحدث الناس عنه، فهم لا يتحدثون علناً كما لو كانوا خائفين. ولم تستطع أن تخبر نفسها لماذا يطلق عليه الناس العم الم. فهو من غير الممكن أن يكون عم كل الناس في القرية، ولكن طالما أن الكل يقول عنه هذا الشيء، هي تفعل. باربرة، التي لم تأتي إلى القرية إلا حين تزوجت، كان مسرورة عند حصولها على بعضاً من المعلومات من صديقتها. فقد تربت ديتا هناك، ولكن منذ وفاة أمها رحلت بعيداً لتكسب رزقها.
مسكت بثقة بذراع ديتا وقالت:
"أتمنى أن تقولي لي حقيقته؛ فأنتِ تعرفينها كلها، والناس يثرثرون فقط. أخبريني ما الذي حدث لهذا العجوز ليعتزل الناس بهذه الطريقة؟ هل يكره الناس هكذا منذ البداية؟"
"لا يمكنني أن أخبرك فيما لو كان يكره الناس منذ البداية، لسبب مقنع واحد. هو انه يبلغ الستون من العمر، وما أنا إلا في السادسة والعشرين، فلن تتوقعي مني أن أعطيكِ تفاصيل حياته المبكرة. ولكن إن وعدتِ أن تحافظي على ما أقول ولن تجعلِ بقية الناس في المقاطعة كلها يتحدثون في الأمر، عندها أخبرك القدر الكافي. فقد قدمت أمي معه من دومليش."
"كيف لكِ أن تتحدثي هكذا يا ديتا؟" قالت باربرة بصورة منزعجة. "الناس في المقاطعة لا يثرثرون كثيراً. وأني أعتدت على حفظ كثيرا من الأمور لنفسي، لو اضطررت لذلك. سوف لن تتندمين على إخباري أي شيء، أنا أؤكد لكٍ؟"