أنت هنا

قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هايدي سنوات التعلم والترحال

هايدي سنوات التعلم والترحال

(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج

تقييمك:
4.8
Average: 4.8 (5 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
وهنا علينا أن نمر مرور الكرام على اخلاق هايدي. فهي لا تكذب مثل بطرس ولا تتعامل مع الاخرين بإستعلاء رغم مكانتها وسط عائلة سمسم، وايضا لا تحاول إلا مساعدة الاخرين، وهذه الصفات كانت هايدي على صغر سنها (بدأت القصة وعمرها خمس سنوات وأنتهت بعمر تسع سنوات) فهي تلتزم بالوعد وتحترم الأخرين وتعطي ما تقدر عليه وتتخلى عن ما ليس لها القدرة على انجازه. وكانت صفاتها هذه هي التي جعلت جميع من حولها يحبوها، ولكن تجعل المنافقين أو الكاذبين يبتعدون عنها أو يسيئون إليها. وربما لو حاولت جوهانا سبيري أن تجعل المحور الاخلاق لدى هايدي لفلحت ولكننا يمكننا القول بأن الأخلاق يمكن أن ندرجها مع المحور السابق في مشيئة الله لتكون الرواية بمحورين مهمين جداً. وتعبران عن درساً مهما يجب أن يتعلمه الصغار والكبار على حد سواء، وهذا ما يجعل الرواية مقروءة للجميع كباراً وصغاراً.
 
وتبقى هايدي في منزل سمسم حتى يفاجئ الجميع بشبح يخوض في المنزل. ولم يقتنع سمسم في البداية بقصة الشبح إلا أن روتن ماير تقنعه بالرجوع من عمله المهم ليرى الشبح. فيطلب من صديقه الطبيب كلاسين أن يأتي ليبيت معه ويتحقق من الشبح الذي يظهر يومياً في الليل ليخيف اهل المنزل. وبعد أن يسخر الطبيب من صديقه إلا انه يرى الشبح، وما كان الشبح إلا هايدي في ملابس نومها البيضاء وهي تخرج من الباب الرئيسي وبيدها شمعة. وما كان من الطبيب كلاسين إلا سؤالها عن اهم ما يقلقها، يأتي الجواب أن الحنين هو التفكير الوحيد الذي يشغلها غير أن الآنسة روتن ماير كانت السبب في جعلها رغبة مكبوتة في داخلها بعد أن صادف في ثاني يوم لها في المدينة أن خرجت في الصباح لتعود بعد المساء وقضت تلك الفترة في مشاهدة جبال الألب من برج الكنيسة ليعود بها صبي يعرف أهل المنزل. وكانت هذه الحادثة السبب في معاقبة هايدي ومنعها من التحدث في موضوع العودة أو الحنين. وهذه الرغبة المكبوتة جريمة بحق هذه الطفلة، فأن تبعدها عن موطنها وان تمنعها من العودة أو حتى التفكير في العودة أمر غير مقبول بالمرة، لذا نرى أن روتن ماير ساهمت في تعذيب الفتاة وشاركت خالتها ديتا في إدخالها بالقفص واخرجها من عالمها الحر الفتي. فكانت روتن ماير السجان بالنسبة إلى هايدي، وكان الخدم المراقبين على هذا السجن وأفلحوا جميعا في هذه السجن. وكان الحل قد جاء من أطيب رجل وهو الطبيب الذي اقترح على سمسم بأن يعيد الفتاة في الغد قبل أن تصاب بمكروه بسببه، ويتعرض للمسائلة القانونية وان لا يتحمل هذه المسؤولية الكبيرة. وتعود هايدي إلى موطنها. وتبدأ المرحلة التالية من القصة.
 
رغم أن هايدي رجعت إلى موطنها وكان جدها أكثر من فرح بها بعد أن مر خلال هذه السنة بأصعب أيام حياته، ورغم من انه عاش حياة العزلة سابقاً واختبر مرارتها، إلا انه كان في ما بعد مرحلة رحيل هايدي اقسى ووصفته المرأة المدينة باربرا عند عودة هايدي بأنه اصبح عصبياً ولا يكلم أحد ابدا. ولما عادت هايدي إليه وضعها على ركبتيه وصار يحضنها وأطعمها اول ما اعطمها الحليب وان دل هذا على شيء فأنه يدل على أحساس الجد بأن هايدي لم تكن في حال جيد، وتحتاج إلى القوة من جديد. وربما كان ضعف جسمها الدليل على هذا غير أن الجد كان قد استعاد الحياة باستعادة هايدي.
 
واول نعمة لهايدي بعد وصولها كانت الفطائر البيضاء للجدة الضريرة، وثانيهما اسعادها بقرائتها للنشيد أو الدعاء التي تذكر فيها الجنة وملكوت السماء. وتبرز هنا أول دليل على محور الرواية. حيث أن هايدي تعترف بأن الله قد حول السيء في فراقها عن الوطن وجدها إلى خير بتعلمها القراءة وجلبها الكثير من النعم إلى جدها والتي ستبين فيما بعد عندما تصل كلارا وجدتها إلى الألب. وقبلها كانت النعمة الثالثة في هداية الجد بعد أن تتحاور معه وبعد أن تقرأ له قصة الفتى المسرف الذي يفارق اباه ويعود إليه بعد ذلك وهو يعترف بخطائه. ويعود الجد في صباح اليوم التالي إلى الكنيسة ومعاودة اتصاله بالناس والعودة إلى الحياة الاجتماعية العادية وتغيير وجهة نظر المجتمع تجاه هذا الرجل. وكذلك العودة في الشتاء التالي إلى المجتمع والعيش لفترة التالية في القرية في الاطلال. وكانت تلك هي النعمة التي جعل الله هايدي تعاني قبل أن تحصل عليها.
 
"هايدي" رواية كتبتها جوهانا سبيري عام 1880 لتكون أولاً للصغار كما أعتادت أن تكرس موهبتها في الكتابة، غير إنها عندما خرجت كانت المفاجئة في عالم الكبار. تهافت الناس عليها وترجمت بسرعة إلى أكثر اللغات انتشاراً. وترجمت إلى اللغة الانكليزية وحدها أكثر من أربع مرات. أن السبب في تهافت الناس على هذه الرواية يعود إلى سببين: الأول، إنها كانت ممتعة من حيث القصة والاحداث، التي قاربت الحقيقة بدقة كبيرة، حتى أن البعض حاول أن يجد في "هايدي" الكثير من الأحداث التي مرت على هايدي سبيري، غير أنها نجحت في جعل الرواية خارج نطاق حياتها في سويسرا التي ولدت فيها عام 1829. وكان السبب الثاني هو أن قصة الفتاة اليتيمة هايدي قد لفتت الانتباه واثرت في الكثير من الاباء الذين كانوا يروون تلك القصة لأبنائهم.
 
وشاعت الرواية في أوربا بسبب نزعتها في معالجة المشاكل الاجتماعية والاخلاقية، وكذلك جعل تلك الفتاة الصغيرة هي المنطلق لهداية مجتمع بكامله، ولم تدخل هايدي في عالمنا العربي إلا من خلال ذلك المسلسل الكرتوني اليتيم الذي رسم وأعد وأنتج في اليابان وغيرت الشركة فيه الكثير من تلك الاحداث التي وردت في الرواية. وكان هذا الحال قد طال الكثير من الروايات العالمية التي مثلت في افلام أو صنع منها مسلسلات كارتونية. غير أن هذا التغيير لم يشوه الرواية كثيراً غير انه غفل عن التركيز على المحور الاساسي.

الصفحات