(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج
أنت هنا
قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
هنا يرعى بطرس الماعز، ذلك الفتى ذو أحد عشر ربيعاً والذي يأتي بماعزه يومياً من القرية ويأخذها إلى الجبال حيث الإعشاب القصيرة واللذيذة في المروج الخضراء. ويقفل بطرس راجعاً في المساء مع الماعز الرشيق. وما أن يصفر بحدة في أصبعيه، على كل مالك أو مالكة أن يأتي ويأخذ ماعزه. وعادة ما يكون المالكين من الفتية والبنات الصغار، وبما أن الماعز حيوانات ودودة، فأنهم لا يخافون بعضهم البعض. وكان هذا الوقت الوحيد الذي يقضيه بطرس مع بقية الأطفال، بينما في بقية النهار تكون الحيوانات رفاقه الوحيدون. وفي المنزل تعيش معه أمه وجدته العمياء، ولكنه يقضي وقتا قصيراً في الكوخ يكفيه لتناول الخبز والحليب للفطور وبعض الطعام للعشاء. وبعدها يغط في نوم عميق. وعادة ما يغادر في الصباح الباكر ويأتي في المساء في وقت متأخر، حتى يتمكن من البقاء مع أصدقاءه أطول وقت ممكن. لقد تعرض أبوه لحادث قبل سنوات؛ وكان أسمه بطرس راعي الماعز أيضاً. وكان يطلق على أمه أسم بريجيدا زوجة بطرس راعي الماعز، أما جدته العمياء فقد كان يطلق عليها الكبار والصغار في القرية والمناطق التي تبعد أميالاً أسم الجدة.
انتظرت ديتا عشر دقائق تقريباً لترى فيما لو كان الطفلين يتبعونها مع الماعز. وبما إنها لم تجدهما حتى ألان، تسلقت إلى مكان أعلى لترى أفضل بمنظر يطل على الوادي، وكانت تنتقل من مكان إلى أخر وكانت علامات الجزع بادية على ملامحها.
كان الطفلان في ذلك الوقت ينزلون بصورة متعرجة بطيئة، وكان بطرس خبيرا في إيجاد المنظر المناسب دوما للنظر لماعزه حيث تأكل. وهكذا هربوا من مكان إلى أخر. وكانت الفتاة المسكينة تتبع بطرس بجهد عظيم وكانت تلهث بملابسها الثقيلة. وكانت تشعر بحر شديد وغير مرتاحة لدرجة إنها كانت تتسلق بكل قوتها. ولم تكن تقول شيء سوى النظر إلى بطرس بعين حاسدة، في حين كان بطرس يقفز في المكان ببطيء ببنطاله الخفيف وأقدامه الحافية. حتى إنها كانت تحسد الماعز التي كانت تتسلق فوق الشجيرات والأحجار، وتوطئ بانحراف بأقدامها الهزيلة. وفجاءة، جلست على الأرض وخلعت حذائها وجواربها بنعومة. وما أن نهضت حتى خلعت شالها الثقيل وفستانيها. وهكذا انسلت بدون أي جلبة أو ضوضاء ووقفت بثوب خفيف. وكنوع من البهجة في لحظة الراحة شمرت عن ذراعيها العاريتان حتى الكم. وحتى لا تتعب نفسها بحمل ملابسها، كانت عمتها قد ألبستها كل ملابسها الخاصة بيوم الأحد فوق ملابسها الاعتيادية. رتبت هايدي ملابسها على شكل كومة ثم انطلقت تلتحق ببطرس وماعزه. لقد أصبحت أقدامها ألان اخف من كل الماعز أو بطرس. ولما رآها بطرس لم يكن قد انتبه قبل هذا بأنها ترتدي ذلك الثوب الخفيف ابتسم ابتسامة عريضة. ولما نظر إلى الخلف رأى كومة الملابس على الأرض وابتسم أكثر، حتى بدا أن فمه اتسع من أذنه إلى أذنه الأخرى؛ ولكنه لم يتفوه بأي كلمة.
لما أحست الطفلة بالراحة والحرية بدأت الحديث مع بطرس، وكان عليه أن يجيب عن كل أسئلتها. سألته كم عدد الماعز الذي يرعى، وأين يقودها، وماذا يفعل بها، ومتى يصل إلى هناك، وهكذا.