أنت هنا

قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هايدي سنوات التعلم والترحال

هايدي سنوات التعلم والترحال

(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج

تقييمك:
4.8
Average: 4.8 (5 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
كانت ديتا قد أعتبرت أمانة أختها بأن اوصتها برعاية هايدي هي كل ما فعلته طوال اربع سنوات، ويا ليتها فعلت شيء يذكر، فلم تكن تراها إلا في عطلة نهاية الاسبوع، ولساعات فقط، فهل هذا هو ما فعلت ومنت فيه على هايدي؟ وكانت ديتا على طول الرواية تحتفظ بالأعذار في جيبها تخرجها متى ما شاءت، فنرى في نهاية القسم الأول مثلاً عندما أراد السيد سمسم أن يرجع هايدي وطلب من ديتا أن ترجعها، تعطي ما شاءت من الاعذار كي تتهرب من لقاء العم الم مرة اخرى. وليست هذه الاعذار كلها شرعية أو صحيحة. وهنا كان عذراها إنها فعلت ما بوسعها وآن الاوان كي ترى نفسها، وكأنها باتت كل ليلة معها تمرضا، أو تعتني بها، وليس أن ترميها لدى العجوز ماليسا طوال الوقت! وكان السبب الرئيسي لتركها عند الرجل هو (ولا يمكن للطفلة أن تكون عائقا أمامي للموافقة عليه) اذن كان هذا السبب الرئيسي إلا إنها وضعته في أخر جملتها كي تصرف النزر عن أهميته, بينما وضعت كل الاعذار الواهية في البداية كي تجعل منها الرئيسية. ولا يعكس هذا إلا الطبيعة المستبدة وغير المبالية لديتا.
 
وتصل ديتا إلى الرجل العجوز، ومن هو هذا الرجل:
 
"فهو لم يتكلم مع أي إنسان،ولا يزور الكنيسة إلا بنهاية كل عام. والناس تهرب من أمامه عندما يظهر كل سنة بيننا. أننا جميعا نخشاه أنه تماما كالبرابرة أو الهنود الحمر بحاجبيه الرماديين ولحيته المتجعدة. وعندما يتجول في الطريق بعكازه الملتوي يخشى أي شخص أن يقابله لوحده."
 
وهذا كل ما يقوله الناس أو يعرفه عنه الناس. ولكن بعد هذا كله هل سترسلها إليه؟ نعم:
 
"هذا ليس ذنبي، فهو لن يؤذيها؛ ولو فعل، فهو المسئول وليس أنا." قالت ديتا بعناد.
 
بعناد تقول انه المسؤول عن اخطائها! نعم، فهو خطئها ومسؤليتها منذ البداية، ولكن طمعها يدفعها إلى ترك تلك الطفلة في بيئة معزلوة لا احد يعرف أي شيء عنها.
 
وعلى الرغم من أن محور الرواية يدور حول
 
(أن الله يحول كل شيء سيء إلى صالح ونافع)
 
وكان أول شيء يبدأ به هذا المحور هو لقاء هايدي مع جدها أول مرة. وهذه محاورتهما في لقائهما:
 
"بالفعل!" قال. "وماذا علي إن أفعل بحق الأرض، لو صارت تنتحب وتبكي عليكِ؟ طالما يفعل الصغار ذلك، وعندها سأقف بلا حول ولا قوة.."
 
" عليك أن تحل الأمر بنفسك!"ردت ديتا بحزم، " لما تركت الفتاة بحضني قبل أربع سنوات، كان علي أن أبحث عن كيفية أن أرعاها بنفسي ببراءة ولم يخبرني أحد ماذا علي فعله. لقد كنت أرعى أمي في حينها وكانت لدي من الأعمال ما يغنيني عنها. لا تلمني لو حاولت أن اكسب اليوم بعضا من النقود. فلو لم تكن فقادرا على رعاية الفتاة، أفعل معها ما تريد. ولو تأذت فأنت المسئول، ولكني متأكدة بأنك لا تريد أن تثقل ضميرك أكثر."
 
وهنا يحمل أحدهما الأخر مسؤولية هايدي. وكلا يعتذر للأخر عن جهله في تدبير أموره مع الطفلة. ولكن الفتاة لا تريد إلا كسب النقود والعم لا حول له ولا قوة. ولنناقس الأمر. العم الم، ليس له في تربية الاطفال وهو يعجز عن تدبير أمره مع الطفلة، وهذا شيء حقيقي، ولكن هل ديتا على حق، فهي سبق وان تركت هايدي مع ماليسا اربع سنوات، وها هي تتركها مرة أخرى لمرة ثانية إلى الابد. وهنا نود أن نعرف أن الخطأ هو خطأ ديتا منذ البداية فمن أجل المال تترك الفتاة حتى بعد أن عرفت العم انه غير قادر على تحمل مسؤليتها فأنها تحمله جهله في تربية الاطفال ولو حدث لها مكروه فهو الملام! هذا كما قال الحلاج
 
ألقاه باليم مكتوفا وقال له
 
اياك، اياك أن تبتل بالماءِ
 
فهي تلقي بالفتاة في حضنه وتقول له اياك أن يحدث لها مكروه وهو الذي يجهل كيف يسكتها لو بكت على خالتها!

الصفحات