أنت هنا

قراءة كتاب هايدي سنوات التعلم والترحال

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هايدي سنوات التعلم والترحال

هايدي سنوات التعلم والترحال

(هايدي فتاة المراعي) تلك الرواية المذهلة التي تقود القارئ بدموع إلى سيرة فتاة قادتها قسوة الإنسان وجفاف مشاعره إلى رميها في أحضان أكثر الرجال طغيانا وشراسة وكيف بضحكاتها البريئة وأفعالها العفوية التي تعبر عن الخير الكامن في داخلها استطاعت أن تغير صلابة الحج

تقييمك:
4.8
Average: 4.8 (5 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
"حسناً، ولكن صوني لسانكِ!" قالت مهددة. ثم نظرت حولها لترى فيما لو كانت الطفلة ليست قريبة لتسمع كل ما سيقال. إلا أن الطفلة لم تكن في مكان يمكن أن ترى فيه. فبعد أن تحدثتا بهذا القدر لم تلحظا غياب الطفلة. فقد مضت لحظة بسيطة منذ أن عجزت الطفلة أن تلحق برفيقاتها. ووقفت ديتا ساكنة، ونظرت في كل مكان، ولكن لا احد في الممر، والذي كان ما عدا بعض التلال الصغيرة مرئيا حتى مدخل القرية.
 
"ها هي ذا! الم تريها هناك؟" قالت باربرة بتعجب، وأشارت إلى بقعة من الأرض على مسافة بعيدة عن المسار. " أنها تتسلق مع راعي الماعز بطرس وماعزه. أتعجب لماذا هو متأخر اليوم؟ يجب أن أقول أن الأمر يروق لنا، فعليه أن يعتني بالطفلة بينما تقولين لي كل شيء بدون مقاطعة."
 
" سوف يسهل الأمر على بطرس في مراقبتها،" أشارت ديتا. "أنها ذكية بالنسبة إلى عمرها، ودائما تتطلع إلى معرفة الكثير. لطالما علمت ذلك وأني مسرورة لهذا، حيث أن ذلك سينفع العم. فهو لم يتبقى له شيء في هذا العالم الفسيح سوى كوخه وذكران للماعز!"
 
"هل امتلك يوماً أكثر؟" سألت باربرة.
 
"علي قول هذا. لقد كان مالكاً لمزرعة كبيرة في دومليش. ولكنه أعتاد أن يمثل دور الرجل النبيل، فسرعان ما فقد كل شيء بالشراب واللعب. ومات والداه حزناً واختفى هو من تلك الأصقاع. وبعد عدة سنوات، عاد مع فتى مراهق، اسمه توباز، وهو ابنه وصار نجاراً وكان شابا هادئاً ووقوراً. وشاعت الكثير من الإخبار الغريبة عن العم وأعتقد انه هو السبب في انتقاله من دومليش إلى القرية الصغيرة. نحن أقرباء، حيث أن جدة أمي ابنة عمه. ونطلق عليه عمنا، وطالما نحن أقرباء الكثيرين من أبي في هذه القرية فأنهم يطلقون عليه العم أيضاً. وصار اسمه (العم ألم) ما أن انتقل إلى العيش في ألم."
 
"ولكن ماذا حدث لتوباز؟" سألت باربرة بلهفة.
 
" مهلا علي. كيف لي أن أخبرك كل شيء مرة واحدة." هتفت ديتا. " كان توباز عاملاً في ميل، ولما صار سيداً، عاد إلى المنزل في القرية وتزوج من أختي أديلهايت. لقد كانا يعشقان بعضهما البعض وعاشا بسعادة كزوج وزوجة. ولكن كانت فرحتهم قصيرة. فبعد سنتان، ولما كان توباز يساعد في بناء منزلاً، سقطت عليه عارضة خشبية وقتلته. وغشت أديلهايت حمى قاسية من الحزن والخوف، ولم تتعافى منها. فهي لم تكن قوية وكانت كثيرا ما تعاني من بعض التعويذات الغريبة، حيث لم نكن نعرف إنها مستيقظة أم نائمة. وبعد أسابيع قليلة من وفاة توباز دفنوا المسكينة أديلهايت.
 
"يقول الناس أن السماء قد عاقبت العم لسوء أفعاله. وبعد وفاة ابنه لم يتكلم مع أي مخلوق. وفجاءة انتقل إلى جبال الألب، ليعيش هنا ضد الناس والسماء.
 
" أخذنا أنا وأمي ابنة أديلهايت وكان عمرها عاما واحداً فقط هايدي لتعيش معنا. ولما ذهبت إلى ريغاتز، أخذتها معي، ولكن في الربيع جاءت العائلة التي أنجزت لها عملها في العام المنصرم جاءت من فرانكفورت وقررت أن تأخذني معها إلى منزلهم في البلدة. ويسعدني أن أكون في هذا العمل الممتاز."
 
"وألان تريدين أن تسلمي هذه الطفلة إلى ذلك العجوز المستبد. أتعجب فعلاً أنى لك ذلك، يا ديتا!" قالت باربرة والتوبيخ باديا في صوتها.
 
" أعتقد أني قد أعطيت الكثير وما يكفي لتلك الفتاة. ولا أعلم أي مكان أخر أخذها إليه، بسبب أنها صغيرة جدا لتأتي معي إلى فرانكفورت. بالمناسبة، باربرة، إلى أين أنتِ ذاهبة؟ لقد بلغنا منتصف الطريق إلى جبال الألب للتو."
 
صافحت ديتا رفيقتها ووقفت ساكنة بينما كانت باربرة تتقدم نحو الكوخ الجبلي الصغير ذا اللون البني الغامق والذي يقع تماما في الوادي على بعد خطوات من الممر.
 
كان الكوخ محمي لحسن الحظ من الريح العاتية بوضعه تماما في منتصف الطريق إلى ألم. وبسبب مرور الرياح عليه، لكان من الصعب العيش في حالته المزرية تلك. وحتى في حالته تلك، حيث أن الأبواب والشبابيك تصر بأعلى صوتها وكذلك الروافد الخشبية في السقف تهتز ما أن تهب الريح الغربية القادمة من جانب الجبل. لو كان الكوخ شامخا في قمة ألم لكانت الريح تهب بدون إثارة أي جلبة في موسم العواصف.

الصفحات