أنت هنا

قراءة كتاب العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه

العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه

كتاب "العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه"، هذا الكتاب يتحدث عن مبادئ العمل الإذاعي، حاولنا الوصول إلى هذه الأهداف كنتيجة بعد سلسلة من المقدمات الممهدة للوصول إليها، حيث ابتدأنا بالدعاية والرأي العام مروراً بوسائل الاتصال الجماهيري ثم تحولاً نحو أهداف الإ

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5
الإذاعة كوسيلة اتصال بالجماهير
 
المقصود بعبارة الاتصال بالجماهير هو نقل الفكرة إلى غيرك، إذ أن الإنسان يمتاز عن الحيوانات الأخرى بأنه يفكر ورأسه ملئ بالأفكار، حيث يفكر طوال الأربع والعشرين ساعة، فيتواصل تفكيره حتى وهو نائم لأن عقله لا ينام، ويستمر في التفكير الذي يظهر على شكل أحلام قد يتذكرها بالكامل أو يتذكر بعضاً منها أو شيئاً من حلم واحد فقط.
هذه الأفكار كلها سواء أكانت في اليقظة أم في النوم تبقى بلا قيمة إلاّ إذا انتقلت من صاحبها  إلى غيره، وكلمة غيره لها وضع خاص في اللغة العربية، فرغم أنها اسم فلا يمكن أن تدخل عليها (أل) التعريف، لأن (غير) في اللغة العربية تسمى اسم نكرة مطلقة، وتعريفه لا يتم إلاّ بإضافتها إلى شيء آخر مثل: غير ذلك، ولكن يجوز إدخال أل التعريف عليها في وضع واحد فقط وهو عندما تعني كل الأفراد عدا واحداً أو عدا فلاناً، مثل: انقل فكرتي إلى الغير، وإن كان الأفضل أن أقول "انقل فكرتي إلى غيري" ونقول "الوضع غير السليم" وهذا هو الصحيح، ولا يمكن القول أبداً "الوضع الغير السليم" فهو خطأ، المهم أن نقل الفكرة من شخص إلى غيره هو المقصود بكلمة وسيلة الاتصال، ولكي تنتقل الفكرة من شخص إلى آخر أو إلى آخرين لا بد من وسيلة تنقل بها هذه الفكرة، فما هي هذه الوسيلة لدى الإنسان التي ينقل بها أفكاره؟
إن أنجح وأهم هذه الوسائل كانت وما زالت اللغة... فبدونها لا يتيسر نقل الأفكار، ونتساءل: هل كان الإنسان منذ وجد على هذه الأرض يتكلم؟ أم كان قد أمضى فترة لا يستطيع فيها أن يتكلم ثم تكلم؟
عادة في البحث العلمي لا يحاول الباحث، بل البعض يعتبر أنه من الخطأ محاولة اللجوء إلى الكتب السماوية أي الدين فهو تصديق وإيمان، لا جدال فيه ولا نقاش، أما العلم فهو جدال ونقاش وفيه شك.. ومن خلال هذا الشك تكون المحاولة تلو الأخرى للوصول إلى الحقيقة، وبهذه الطريقة تحت الكثير من المحاولات العلمية لإثبات أن الإنسان كان يتكلم.
والكلام مسألة تتعلق بالصوت الذي هو تلك الظاهرة الطبيعية التي يميزها الإنسان بالأذن، التي هي العضو الوحيد الذي يتأثر بالصوت دون الحواس الأخرى، وقدرة الإنسان على السمع بهذه الأذن جعله قادراً على الكلام، ولنفترض أنه كان لا يتكلم، بدليل أن شعوباً ما زالت حتى اليوم تستخدم بعض الإشارات التي تُغني عن الكلام، فكيف نشأت الإشارات التي تُغني عن الكلام؟.. لعلها تكون ما تبقى من العصر الذي كان فيه الإنسان لا يتكلم ولا ينطق، حيث كان يستخدم الإشارات، أي يشير في عهد خرسه لنقل أفكاره إلى غيره، مثل هذه الإشارات ما تبقى في الإنسان من مقدرة على تحريك جلده كالحيوان، إذ من البداية حاول الإنسان التعبير عما يجول في خاطره وفي ذهنه وأفكاره وما يثير أحاسيسه ومشاعره، وما يحيط به مما يعنيه أو يهتم له، مغير الإنسان في بداية وجوده وحياته عن كل ذلك بالرسم والتلوين على جدران الكهوف، أي أن هذا الكلام يعتمد على النظر، فيمكن أداؤه بالنقش على الطين، أو الحفر في الصخر، أو الرسم على الجدران، ثم على الورق، أو بالإشارة بالرايات أو الكشافات الضوئية، ولكنه في كل هذا يظل بعيداً عن علم الصوت، منعدم الصلة بجهاز الكلام وجهاز السمع، فهو يعتمد على ذبذبات من نوع آخر.
هذا كله كان قبل أن يتمكن من الكتابة بألآف السنين وفي الإمكان مشاهدة تلك الرسوم التي تركها الإنسان القديم في الكهوف وهي تروي حكايات صيده ومعاركه ومطارداته للحيوانات، بالإضافة إلى الملابس التي كان يرتديها والأسلحة التي كان يستخدمها.
وكان الإنسان البدائي يعتقد بأن للطبيعة لغتها التي تتكلم بها معه، وتحذره أو تهدده أو تخيفه، أو تشجعه، كالرعد والصواعق والرياح.. فالكل يتكلم بما في ذلك الطبيعة.
وإذا كان ذلك يعنى نقل المعلومات، فأغصان الأشجار التي تتمايل تدل على أن ريحاً هوجاء قادمة، وأيضاً السحاب الداكن السواد نذير عاصفة، وطبيعي أن تختلف لغة الطبيعة بهذا المعنى عن أي حديث أو تبادل للمعلومات بين البشر، بل وبين الحيوانات ذاتها، لأن الأصوات الصادرة عنهم هنا هي أصوات ذات دلالة موجهة إلى مخاطب مقصود، ويعني بدراسة اللغات غير اللسانية، وهو علم يسمى علم "السيميوطيقا" ومعناه نظرية الإشارات والرموز، ويتناول أي نسق من الإشارات، أو لغة تستخدمها وحدات الكائنات أياً كانت طبيعتها.

الصفحات