كتاب "العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه"، هذا الكتاب يتحدث عن مبادئ العمل الإذاعي، حاولنا الوصول إلى هذه الأهداف كنتيجة بعد سلسلة من المقدمات الممهدة للوصول إليها، حيث ابتدأنا بالدعاية والرأي العام مروراً بوسائل الاتصال الجماهيري ثم تحولاً نحو أهداف الإ
أنت هنا
قراءة كتاب العمل الإذاعي- ماهيته، طبيعته، مبادؤه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
فإذن كان كل جماعة خطها الاتصالي الذي يتفق مع تركيبها وعلاقاتها الاجتماعية كما يقول العلماء المعاصرون، وهناك استنتاجات متعددة تثبت كيف تطور الإنسان وكيف دخل الحضارة.
يدعي بعض العلماء بأن الإنسان بدأ حياته آكل لحوم رمم، ذلك أن كل جسم حيوان أو إنسان يحتاج لغذاء، كان يبحث عن كل شيء يتعلمه في سبيل الحصول على لقمة العيش ويستمر عمله أربعاً وعشرين ساعة، وفي سبيل هذا التعلم كان بحثه متواصلاً وبشكل مباشر عن اللغة.
ولقد أدعى العالم "رالف ليفي" إن الإنسان كان يأكل الرمم في بداية حياته واستند في ذلك على أن الإنسان لا أظافره ولا أسنانه تساعده على أن يمسك بحيوان مهما كان صغيراً ويقوم بتقطيعه حتى ولو كان هذا الحيوان أرنباً، لذلك أقبل على صنع أي شيء من الأدوات تساعده على الصيد وعلى تقطيع الحيوانات، ليأكل لحومها بدلاً من البحث عن الرمم الناتجة عن الحيوانات التي يتم اصطيادها، وبعد ذلك أخذ الإنسان في تطوره في صنع الآلات التي يحتاجها لصيد الحيوانات وتقطيعها، فتمكن من اختراع أو صنع سلاح الحجر، ثم الأجهزة الآلية بعد ذلك، ويوجد كتاب اسمه "مليون سنة من عمر الإنسان" يعطي فكرة عن صناعة الإنسان البدائي للأدوات، ولكن لو فكرنا وتمعنّا في أعضاء جسم الإنسان بالمقارنة مع أعضاء جسم الحيوان قد نرى هناك نقصاً خلقياً وإن كان هذا النقص يعتبر ميزه عند الإنسان، فهو يمشي على قدميه مستقيم القامة، الأمر الذي ميّزه عن الحيوان الذي يمشي على أربع، فحقق بذلك خاصتين: الأولى أن بصره قد ارتفع واتسع أفقه، والثانية أن يديه تحررتا من حمل جسمه واستطاع بهما إن يدافع عن نفسه، وأصبحتا حساستين تنقلان الإحساس... إلخ.
إن وضع الإبهام يختلف عن وضعه عند الحيوانات، فهو عند الإنسان يشبه الكماشة، وهذه أيضاً ميزه عند الإنسان في المقابل هي نقص خلقي عند الحيوان.
وأكبر وأعظم ميزه عند الإنسان هي العقل، فهو في تطوره الاجتماعي بدأ جامع قوت فكان يبحث عن الرمم كما ذكرنا ويبحث أيضاً عن الثمار، ثم بعقله استطاع أن يخترع آلات الصيد ليصيد بها حيوانات أخرى، وأيضاً بعقله وفي ظروف مناخية معينة استطاع أن يكتشف الزراعة.
ولم يكن الإنسان مستقراً، حيث كان في حل وترحال من أجل الصيد، وأثناء ذلك استطاعت بعض المجتمعات والعشائر والقبائل أن تتحول إلى الرعي فأخذت تنتقل من أجله وليس من أجل الصيد، وهناك فرق بين الصيد الذي يعني الإمساك بالحيوان، وبين الرعي الذي يعني صيد الحيوان ثم تربيته.
وقد ثبت أن الإنسان في وقت من الأوقات لم يكن يعرف العلاقة بين الذكر والأنثى أو الولادة، ولما أدرك الإنسان هذه العلاقة استطاع أن ينتقل من الصيد إلى استئناس الحيوان ثم إلى استيلاده، وبعد أن كان جوالاً يترحل ويتنقل أصبح مستقراً وفي كل هذه الأطوار سواء كان جامعاً للقوت أو صياداً أو راعياً أو زارعاً مستقراً، فإنه كان في حاجة إلى معرفة أفكار الآخرين وفي حاجة إلى تعريف هؤلاء بأفكاره.
فما هي الأجهزة التي كان الإنسان البدائي يستخدمها لمعرفة أو نقل هذه الأفكار؟
في البداية استخدم صوته وحده، ولم يكن هناك أجهزة لتوصيل أو إسماع صوته للآخرين، وسماع أصواتهم.
في ذلك الوقت كانت الأجهزة نوعاً من المنبر، أي شيء بارز يرتفع عن مستوى الأرض، هذا المكان المرتفع المسمى بالمنبر يجعل أكبر عدد من الناس يسمع الصوت سواء كان فوق صخرة أو فرع شجرة أو أي شيء بارز أو مرتفع من الأرض كلها تشترك في تسمية واحدة تعنى المنبر، ولا شك أن أثره آنذاك كان محدوداً لأن الصوت مهما ارتفع فلن يصل إلاّ إلى عدد محدود، ويمكن أن نتصور مثل هذا المنبر في مكان ذي مجتمع من الناس قليل ومحدود، فيؤدي مهمته كوسيلة اتصال، وإذ كان المجتمع أكثر اتساعاً من الممكن استخدام رسول نبعثه ليعتلي منبراً آخر كالأول يحاول من خلاله إسماع صوته للآخرين. ويأتي بعد ذك المنادي الذي يقوم بلفت الأنظار، ثم من الممكن استخدام طبل، أو مزمار للفت الأسماع فيقول الكلام الذي يريد أن يسمعوه.
وفي إفريقيا استخدم الطبل وحده لنقل الأفكار إلى الآخرين بما يشبه طريقة البرق "التلغراف" بجهاز موريس الذي يعتمد على النقطة والشرطة.
إن دقات الطبول لها معنى معين يفهمه كل المحيطين في المنطقة التي يستهدفهم فيها إيقاع ودقات الطبول ومن الممكن أن يصل إليهم الصوت وعلى مسافات واسعة ويشمل مساحات كبيرة.
وبعد التطور الذي وصل لما نحن فيه الآن فإن الإذاعة حالياً هي المنبر والمنادي والرسول وغير ذلك، وقلنا بأن المنادي يمكنه استعمال المزمار والنفير والطبل. والهيئة ذات الجرس لها أهمية في الإذاعة.
إن كل ما سبق من حديث عن توصيل الأفكار لدى الإنسان البدائي للآخرين هو مدخل للحديث عن الكتابة وهي الخطوة الثانية في تطور وسائل الاتصال بالجماهير أو نقل الأفكار، وعند مراجعة كتاب أصل الأشياء نجد أن الكتابة لها قصه تتصل أيضاً بتاريخ الإنسان وتطوره العقلي والاجتماعي فوق هذه الأرض.