كتاب " فيو ضواحي الذات"، إذا كان هذا الكتاب هو الأول في سيرة الكاتب الأدبية، فهو ليس كذلك في سيرته المهنية، إذ سبق له أن ألف كتبًا في مجال التربية، وحتى عندما قرأتُ هذه المؤلفات لمستُ فيها تلك المسحة الجمالية التي تخفف إلى حد كبير من وطأة الرياضيات وجمودها،
أنت هنا
قراءة كتاب في ضواحي الذات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
(1)
طفلةٌ تتدحرج على الرمل، وصديقتها تمسك بطرف لباسها البحري، طفلٌ ثالث يقترب منهما وهو يضرب الهواء بكلتا يديه.. صبيّ يغرس عصا في الأرض، وظل العصا يستلقي على القاعدة الواسعة تحته، صبيّة بجانبه تقيس طول الظل بأشبار من يدها.. فتى يستلقي على كرسي بحري ويداعب بأنامل قدميه رمال الشاطئ الرقيقة.. فتاة تصنع من عجينة رملية برجًا وتدع الماء يغمره ثم تخربه.. أطفالٌ وصبية يكتبون أسماءهم على الرمل الأحمر: عُمر، بشّار، سما، علا، فارس، نديم،... أُناس يخطُون على المسحوق الفيروزي، فتترك أقدامهم بصمتها على الرمل، أما الموج فيأتي برغاءٍ زبديٍّ ليمحو كل اسم، أو يعود أدراجه إلى البحر، آخذًا معه كل أثر.
(2)
امرأة خمسينية بملابس بحرية وبألوان سماوية تغفو ويداها فوق بطنها، زوجها بجانبها وثمة رذاذ لموجةٍ زرقاء سقط قريبًا من عينيه، يدور بغير اتجاه ويمسح عينيه بروية، يستلقي على جنبه ويتخذ وضع بحر نائم وينبعث في غطيط عميق.. ليس بعيدًا عنهما فتاة ترتدي نظارة سوداء، وتقرأ في رواية «الشراع والعاصفة»، وقد بدا أنها انتهت إلى الصفحة الأخيرة:
هي: نهاية الرواية التي استعرتها منكَ جميلة، «فالطروسي لم يُقتل وبقي مسافرًا محتفظًا بمعاني الميناء».
هو: ما رأيك ببدايتها؟
هي: لم أصل إليها بعد، ولكن لا بُد أنها جميلة أيضًا طالما الطرّوسي عزم أن لا يبرح البحر مهما اشتدت الأنواء.
(3)
شابٌّ في العشرينيات من عمره أبيض البشرة، شعره الأشقر يصعد إلى الأعلى في تجعدات متموجة.. الشاب يقف على لسان صخري ومن فوقه مخرَّمات من الزُرقة وبيض السحب.. يستدعي طفلاً صغيرًا عن قصد، ويطلب منه قلم حبر وورقة بيضاء، يأتي الطفل بالورقة وبقلم بلا حبر.