أنت هنا

قراءة كتاب كان ردائي ازرق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كان ردائي ازرق

كان ردائي ازرق

المجموعة القصصية "كان ردائي أزرق" للكاتب العراقي جمال كامل فرحان الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منها: كان عقله مشوشا في تلك اللحظات، متخبطا بين هند وبغداد .. مفكرا بالكراهية، كيف تصنع؟ من أين تأتي وتجيء؟ هل خلقت معنا أم زرعت في القلوب؟

تقييمك:
4
Average: 4 (1 vote)
الصفحة رقم: 7
سكتَ قليلا وهو يهز رأسه ثم راح يخبرني بحكاية عمله الليلي ومشوار كل يوم، وحكايته مع الشاي وقطعة من الكعك، فضحكت من كلامه ولم أصدقه لكنه قال مؤكدا:
 
- لماذا لا تريد أن تصدق بأني أعمل ساعي بريد في الليل؟
 
لزم الصمت لفترة بعد أن أخذ رشفة من الشاي· في تلك اللحظة تناهى إلى سمعي تراشق عيارات نارية وصوت مكابح سيارات شقت السماء، فارتبكت ودرت برأسي عدة مرات قبل أن أسمعه يقول:
 
- لا تهتم، إنها بعيده منا·
 
لم أزل على ارتباكي حين أبصرت عموداً من الدخان الأسود ارتفع إلى السماء· 
 
- سكنتُ في حي الفضل منذ قرابة شهرين·
 
أسند مرفقيه إلى سطح الطاولة، ثم راح يكمل حديثه وعيناه سابحتان في مكان ما:
 
- هي عمارة بائسة لا أعرف اسمها إلى الآن، لكنها رخيصة الإيجار· غرفة صغيرة بسرير حديدي متخلخل وأرضية متصدعة ونافذة مغلقة دائما· كنت لا أجلس في غرفتي طول النهار، حتى يوم إجازتي أقضيه في التسكع والتجوال، إلى أن يهدّ التعب جسدي ورأسي يثقل ويتصدع من ضجيج الناس وأصوات السيارات، فأعود إلى غرفتي وأنام كالميت· لكن، الأمور اختلفت مؤخرا، تفاقم العنف واشتد·· أصبحت لا أفرق بين الناس، أصبحت لا أعرفهم أو أفهمهم·· أصبحوا كما لو أصابهم العمى· فأخذت لا أغادر غرفتي، ترهبنت بغير إرادتي، حتى ساعات العمل تقلصت·
 
توقف عن الحديث وأخرج من جيب قميصه السمائي علبة سجائر، قدم لي سيجارة· رفضتها شاكرا ورأيته يشعل واحدة وينفث دخانها بهدوء ثم راح يكمل:
 
- أذكر ذلك اليوم، كنت أتيت من العمل باكرا، خلعت ملابسي وغسلت جسدي، ثم أعددت عشائي وتمددت فوق الفراش بعد استكان الشاي الثخين· سمعتُ طرقا خفيضا، منتظما على باب غرفتي· رفعت رأسي، أنصتُّ جيدا، لكن لا شيء· في البداية خُيلِ إلي بأني غفوت قليلا، لأني لا أعرف الكثير من الأشخاص هنا ولا أستقبل أي ضيوف في غرفتي· فأرجعت رأسي وغاص في الوسادة العالية· بعد دقائق عاودت الطرقات النقر· قمت متضايقا وفتحت الباب· كان رجلا قد تجاوز الخمسين من العمر، قصير القامة، أشيب الشعر وبخدين منخسفين وتجاعيد حادة· قال بأنه جاري يسكن الغرفة الملاصقة لغرفتي· 
 
توقف أحمد للحظات وظهرت على وجهه ابتسامة خاطفة قبل أن أسمع ضحكته ويهز رأسه قائلا:

الصفحات