رواية عبد الخالق الركابي "ليل علي بابا الحزين"، تنطلق بأحداثها من الاحتلال الأميركي للعراق، متخذة من معاناة بضع شخصيات موضوعا لها: فتواكب تلك الشخصيات وهي تعيش عنف ما حصل وما نتجت عنه من تداعيات توجت بتفجير سامراء الذي تسبب في حصول فتنة طائفية خسر آلاف الأب
أنت هنا
قراءة كتاب ليل علي بابا الحزين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
اقترحت عليها ناصحاً:
- لم لا تحاولين الاتصال مجدداً بالشيخ غازي؟ فهو وحده الذي في وسعه حلّ هذه المعضلة·
- لن يغامر هذا الرجل بمساعدتي أبداً؛ فمنذ فشله في الانتخابات البرلمانية السابقة وهو يتهيأ لترشيح نفسه للدورة القادمة، بادئاً ذلك بتبييض صفحته بالتنصل من إقحام نفسه في أمر على هذه الشاكلة من التعقيد·
أجابتني وهي تمسك دموعها بصعوبة· وأردفت متجنّبة، هذه المرة، مبادلتي النظر:
- هناك طريقة وحيدة تضمن لي الستر وسأعوّل على شهامتك لتحقيقها·
ازداد وجيب قلبي ارتفاعاً: فقد أدركت من فوري ما ترمي إليه بكلامها، بيد أنني تجاهلت الأمر ملاحظاً إياها وقد عادت تتأملني برجاء، حتى إذا ما وجدتني لا أحير جواباً لوت فمها الراجف بابتسامة يائسة واصلت بعدها هبوط بقية الدرجات·
كان الزحام في شارع الكندي على أشدّه: زحام مراجعي العيادات الطبية والمختبرات والصيدليات، وروّاد الكوفي شوب والمطاعم الفاخرة، والمتسكعين عند مداخل المخازن والأسواق والسوبر ماركات المتخمة بكل ما يخطر في البال، وكأني بالجميع يعيشون حياتهم الطبيعية التي وفّرها لهم قربهم من المنطقة الخضراء حيث يسود الأمن والسلام على النقيض من الأحياء النائية المشاعة لنزوات الميليشيات التي لا يوجد ما يردعها عن الاحتكام إلى السلاح وقتما تشاء!
بدت دنيا، بملابسها المحتشمة الفضفاضة ذات الألوان الداكنة، وبالشال التقليدي الملفوف حول وجهها، كمن ضيّع سبيله وسط ذلك الزحام· كانت تبدو وكأنها تبحث عن ملاذ، عن ركن ما تنفرد به بعيداً عن تيار السابلة الجارف·
انزويت بها قرب عمود· وقفنا دقائق صامتين، تتعالى، من حولنا، ضجّة المولّدات التي شرع أصحاب المحلات في تشغيلها عقب انطفاء الكهرباء، كأننا نستمتع بتأمل الإعلانات الضوئية، وهي تتوهج تباعاً بألوانها الزاهية، في عتمة الغروب·
- لن يسعني الإقدام على هذا الأمر؛ فصداقتي ليحيى تحول دون ذلك·
كلّمتها برفق متجنباً مبادلتها النظر، مستعيضاً عن ذلك بمتابعة السيارات المنطلقة في الشارع، مفكراً بحقيقة حبها ليحيى؛ ألم تكشف اللحظة زيف تلك العاطفة؟
- وأين هو يحيى الآن؟
سألتني ببرود، فعدت أردد بشيء من الحذر:
- وهناك·· الدين··· والتقاليد التي تمنع اقتراناً على هذه الشاكلة بعدما أكدت الطبيبة الأمر، فضلاً عن كوني - كما تعلمين - متزوجاً·
- إنه محض إجراء شكلي غايته الحفاظ مؤقتاً على المظاهر فقط·