رواية "القادم من القيامة"؛ عنوان ينقلك الى السماء مباشرة الى عالم الغيب، ويظهر ذلك جليا من خلال الرسم التعبيري على غلاف الرواية، حيث يقف انسان في ظل شجرة وهو ينظر الى غيمة في السماء.
أنت هنا
قراءة كتاب القادم من القيامة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
الثانية ليلاً
اسخر مني واضحك، واضرب الجدار برأسك، واطلق للياليك الجديدة الرياح، ابحث عني هناك بين الصخب والأضواء وهدير الموسيقى في الليالي التي حملناها تخييلا، وحملتك وحدك، أين أنت الآن؟! أنا هنا، أعود كلص طريد مع آخر الليل، حيث كنت، حيث كنا، وحيدا، الريح تلسعني·· يبرد العرق أسفل ظهري فتشتد آلامه، وتعلو جلدي قشعريرة من البرد، أسمع وحدي صوت قدمي تجوسان الطريق، وحدي أمشي الآن على الشارع المحاذي للجبل، تطل عليّ الآن رؤوس الجنيات الساحرات اللواتي تحب، هناك تتخضب أقدامهن البيضاء الرقيقة بالندى، ويطول شعرهن على مهل، هناك كذلك، كانت يده تظهر أمامنا للمرة الأخيرة، عندما برزت من اهتزاز ذلك اللوح الأحمر الذي تعرف، هناك أتذكر عندما انتشلتها الصغيرة، وقالت لنا: لا تدفنوا أبي··· أرهقنا جميعا بالبكاء، كانت يوما جهنميا أذاقنا موتا أعمق من طقوس الموت، شعرنا ماذا يعني أن تبكي عاجزا، وهامشيا ووحيدا·
كل ذلك الآن أمامي وخلفك، فقط بعض الأضواء الصغيرة تثقب الأفق الأسود أمامي، وأنا ما زلت أمشي، الساعة الآن الثانية ليلا· هل تعرف ماذا يعني ذلك في الليالي التي تقع على البرزخ بين الخريف والشتاء، عندما تختلط الأشياء جميعا بعضها مع بعض، ذلك العشب المصفر على قبره، وذلك العشب اليانع البكر، وتلك المساءات المغلفة بالضباب والبخار والندى على جبل الصنوبر، حيث يخيم الموت، كل ذلك رحلت وتركته لي، كنت تأتي لتوقظني عند آخر الليل لنصعد إلى الجبل، لتشهد صباح الأميرات اللواتي يسكن الكهوف المسحورة على تلك الرئة اليمنى من بلدنا، كنا نتخيل عندما تستفز حرارة الشمس المغمورة خيوط الرطوبة، تتنسل من بين التربة البيضاء، كنا نحلم كيف يمتد ذراع أميرتنا الرائعة من بين أغصان الصنوبر، وينسل ثوبها الأبيض وراءها حتى تصل البركة، فتخلع رداءها··· ويعلو البخار جسدها، كنت تقول لي إن البخار سيظهر بكثافة أكثر أعلى الخصر وتحت الرقبة، وسيبدو كاحلها رقيقا كرقبة السنبلة، هناك كنا نتعرى تماما وكانت أسناننا تحتج بردا وقهرا·