"ماري حمالة الحطب"؛ عمل روائي للكاتبة اللبنانية هنادي غزاوي الصلح، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ومسرح الرواية هو لبنان.
أنت هنا
قراءة كتاب ماري حمالة الحطب
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
1
كان الحلمُ مروّعاً، لأولِ مرّةٍ حلمتُ أنني أتمرّد، أنتفض وأثور، ليته امتدّ مالئاً نهاراتي، لم أعتد الصراخ من قبل، حتى بات صوتي بلا صدى وثورتي محض أفعالٍ لا قدرة لها على الحياة، وما عدا ذلك كله كنت الشاهدة التي تُقلّب الأشياءَ بصمتها·
كأنني ارتدتُ مدارسَ من صمتٍ، لم تحفرْ كلماتها صوتاً ولا وجوهها ذكرى·
وحدها شرفة منزلي الذي يكمن خلف الحقول الممتدة تعود إليّ، كما لو تؤوب من سفرٍ بعيد ويعود معها وجهُ أمي، وجهها الذي يسترق النظر مطلاً على قلبي، شاهداً أنتظر إطلالته كل صباحٍ كما تنتظر الحقولُ عصافيرَ الربيع·
لماذا صمتك أمي؟ أهو امتداد لصوتك الملوكيّ، أم حدستِ أنْ ليس بوسعك تبديده في الثرثرة والكلام· ورّثتني الصمت ولا أعرف من سيرثه بعدي، ومع الصمت يستدرجني الحزن الشاهد على الفرح، لأعود وأستيقظ من إغماءتي على نتفٍ من كتابٍ اقترحته عليّ (أمل)، عاد ليغرس في أعماقي بوارق حبٍّ وشعاعاً قزحيّاً·
ضحكتُ عند قراءتي النصائح فكلّ ما ورد فيه، كنت قد أدركته بفطرتي، لكنني واصلتُ قراءته لأعيد ترميم حياتي مجدداً، لأصغي من جديد، وليكون بوسعي الحلم ثانيةً، فربما أقع في الحبِّ أيضاً وأستقبل شمس كل صباحٍ على أفقٍ جديد·
استقبلني صوتها فور عودتي من باريس:
- عدت في الوقت المحدّد، لم يكن مجدياً أن أخبرك عبر الهاتف·
- قصة جديدة ورجل جديد؟ وبعد !!
- حبّ وحبّ وحبّ حتى أرتوي
- انتظرتُ الحبّ ألفَ عام، مشرّعةً له الأبواب وحين أتى أخيراً سرقه الموت منّي·
- عليكِ أن تدعيه يأتي ثانية، امنحيه الفرصة، لا تتركي الأبواب المشرعة بلا روحٍ أو أمل، وصمتك، يكفي صمتك (نور) فالرجل لن يشعر بالحبّ من غير الجلبة، إنه يحتاج إلى تأكيده ليدركه·
- والمرأة تحتاج إلى رجل يرمق صمتها ليترجمه لغة مركّبة وحروف·
- كالعادة لا أوافقك الرأي، على كلّ حال، سيطول بنا الحديث، أليس كذلك؟
- أنتظرك·