أنت هنا

قراءة كتاب أساتذة الوهم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أساتذة الوهم

أساتذة الوهم

"اساتذة الوهم"، رواية للروائي العراقي المقيم في بروكسل علي بدر، صادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ تكشف هذه الرواية عن صفحة مخفية من الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في بغداد الثمانينات، المقاهي الادبية، التجمعات الشعرية، الحياة المدنية تحت الحر

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
جنود، ساعات، وجماعات أدبية
 
كنت قد تعرّفت على عيسى قبل أن أتعرف على منير، ولكنهما هما من عرّفاني فيما بعد على مجموعتين من الشعراء الجنود، نشطتا بشكلٍ سرّي تلك الأيّام· تطلق الأولى على نفسها مجموعة الساعة الخامسة، تتكون من خمسة شعراء -تعرّفتُ بشكل شخصي على ثلاثة منهم على الأقلّ- وتتحلّق هذه المجموعة على طبيب شاعر، وهو جندي أيضاً من وحدات الميدان الطبّي، اسمه الدكتور إبراهيم، ويطلق عليه منير الدكتور فاوستوس، ويعتقد أصدقاؤه بأنه أعظم شاعر حيّ في الكون كلّه، ويعتقدون أنه شخصية خارقة واستثنائية أيضاً، أما ديوانه (أناشيد) فلم يكتب في الشعر العربي على مثاله أبداً، هذا ما كان يقوله الجميع عنه، أقصد جميع أصدقائه·
 
 ومن عرّفني على الدكتور إبراهيم هو منير؛ إذ كان ذلك الوقت عضواً أساسيّاً في المجموعة، كما يبدو، وقد تعرّف إليه عندما خدم قبل عام في كتيبة قريبة من وحدة الميدان الطبّي التي كان يخدم فيها الدكتور إبراهيم·
 
أما المجموعة الأخرى فهي جماعة أدبية تطلق على نفسها جماعة بهيّة، وقد عرفني إليها عيسى، وكان قد التحق بها بعد أن فر من الجيش، وهي أغرب جماعة أدبية سوريالية كما بدت لي: 
 
كانت جماعة بهيّة فريقاً أدبياً على غرار التجمعات السياسية، وهي فريق سرّي، إنتاجه علني ولكن تجمّعه واجتماعاته سريّة، وفي ظاهره وباطنه غير سياسي، أي بمعنى آخر لا يحمل أي محتوى إيديولوجي· وكان هذا الفريق مثل فرق الموسيقى والغناء عمله جماعي بالكامل، كتابة القصائد تتمّ بشكل جماعي، وكتابة الرواية تتمّ بشكل جماعي، وتمارس الفرقة عمليات السطو والنشل والسرقة لتمويل أعمالها· أطلقت الفرقة على نفسها اسم بهيّة، وكانت توقّع قصائدها ورواياتها باسم بهيّة·
 
وبهيّة هو اسم عاهرة في الميدان كبيرة السنّ جداً، ولكن في زمانها كانت أجمل عاهرة في بغداد، ويقال إنها عاشرت أكثر السياسيين العراقيين ألمعيةً وشهرةً في الخمسينيات والستينيات، ولكنها انتهت إلى بائعة سجائر بالمفرق، تجلس على بسطة أمام بيوت الدعارة في الميدان·
 
انتهت المجموعة إلى مقاومة الحرب، على أن الحرب تعادي الفنّ، وانتهت بالاحتفاء بالجنود الفارين أو الهاربين من الحرب، والهامشيين والمرضى والضعفاء وكليلي البصر ومعوّقي الحرب والمقعدين ومن أطلقوا عليهم هم بـبروليتاريا الصحة، وبالعاهرات لأنهنّ بروليتاريا الأخلاق، والوقوف بوجه القوّة الغاشمة وتعرية السلطة· وقد كتبوا قصيدتين، ورواية شعريّة عن فرار من الحرب، غير أنّهم ألقي القبض عليهم جميعاً، وحكم عليهم بالإعدام·
 
تعرّفي إلى جماعة بهية

الصفحات