كتاب "دور العرب في تطور الشعر الأوروبي" للناقد العراقي د.عبد الواحد لؤلؤة، صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ ويقول د.
أنت هنا
قراءة كتاب دور العرب في تطور الشعر الأوروبي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

دور العرب في تطور الشعر الأوروبي
الصفحة رقم: 8
ويبدو لي أنه من البسيط، ولو أنه يجري على مستَفعلُن فاعِلُن فَعولُن/ مستفعِلُن فاعِلُن فعولُ· وكيف نقطّع البيت الثالث عشر:
أويَكُ قد أقفرَ منها، جَوُّهاَ
وعادَها المحلُ والجُدوبُ؟
أم كيف نقطّع البيت السادس والأربعين:
فجدَّلَتْهُ، فطَرَّحَتْهُ
فكدَّحَتْ وجههُ الجَبُوبُ؟
في وصفِ لِقوَةٍ وهي أنثى العُقاب، أطبقت على ثعلبٍ سريعٍ يجري في سَبْسَبٍ جديب؟
عن هذه الأوزان التي أراها مضطربة، مالم تكن بسبب أخطاء النُّسّاخ، وهو مَهرَبٌ قد يُعين في بيت أو اثنين، لا في قصيدة/ معلّقة بأكملها، يقول ابن كِناسَة: لم أرَ أحداً ينشد هذه القصيدة على إقامة العروض (1) وكلمة ينشد هنا ذات دلالة· فالشاعر الجاهلي كان ينشد القصيدة، لا يقرأ القصيدة· وكلام ابن كِناسة يشكّك في عروض هذه القصيدة، فكيف يراها الفراهيدي والعروضيون؟ لابد أن الإنشاد كان يمدّ ويقصّر بطريقة عرفها الجاهليون ولا نعرفها نحن· ولكنّ العروضيين وجدوا لها تفسيرات من المجزوءات والمحذوفات والعلل، لا تخلو منها المعلّقات الأخرى· نقرأ البيت الثالث والسبعين من معلّقة امرئ القيس:
قَعَدتُ له وصُحبتي بين ضارج
وبين العُذَيبِ بُعدَ ما مُتأمّلي
هل يمكن إقامة العروض في هذا البيت على:فَعولُن مفاعيلُن فعولن مفاعِلُ؟ أم يجب علينا أن ننشد البيت ونمدّ الضمّة في قعدتُ والفتحة في وَصحبتي لتغدو واصحبتي فيستقيم الوزن؟ وتغدو مثل هذه الأسئلة أكثر إحراجاً في قصيدة عبيد بن الأبرص، إلا إذا قلنا إن الإنشاد في الشعر أحدث تطويراً في أوزانه، على مرّ العصور بين شعراء الجاهلية وشعراء الموشّح والزجل في الأندلس، وهو شعر إنشاد بالدرجة الأولى، تطورت فيه الأوزان عبر قرون، حتى قال عنها ابن بسّام الشنتريني (ت 1147م) في كتابه المعروف الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (1106-1118م) إن أوزان الموشّحات أغلبها على غير أعاريض العرب وقد تلقّف بعض الباحثين من غير العرب هذه العبارة، وفهموا أن أوزان الموشحات على أعاريض العجم، وبنوا على سوء الفهم هذا نظرية معطوبة حول نشوء الموشّح في الأندلس في أواخر القرن التاسع الميلادي، ومن بعده نشوء الزَجَل بعامية الأندلس، مع أن دراسة متفحّصة لهذين النمطين الأندلسيّين من الشعر العربي تظهر أنهما تطوير في أعاريض العرب في سلسلة طويلة من التطوير بدأت في الشعر الجاهلي حتى وصلت إلى الأندلس، مروراً بشعراء الشام وبغداد العبّاسية·
على الرغم مما في قصيدة عبيد هذه من اضطراب الأوزان بالنسبة لقوانين الخليل، نجد نقّاد القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي مثل ابن قتيبة (ت276 ) في الشعر والشعراء يقول إن قصيدة عبيد هذه هي من القصائد السبع· وهذه ملاحظة مهمة، لأن بعض المؤرخين والنقاد القدامى جعلوا المعلقات سبعاً لا عشراً، مما يعني أن قصيدة عبيد هي من مستوى المعلقات، لا من القصائد الملحقة بها· وفي نسخة المتحف البريطاني (المكتبة البريطانية) من جمهرة أشعار العرب إشارة تقول وكان يخطب بهذه القصيدة في الجاهلية (2)· فإذا كان الفعل يخطب مبنيّاً للمجهول، فمعنى ذلك أن القصيدة كانت على مستوى عالٍ من التقدير عند الجاهليين، وهم أعرف الناس بشعرهم· يورد الأصبهاني (ت 356هـ /967م) في الأغاني أن عبيد ابن الأبرص كان شاعر بني أسد، غير مُدافع أي لا ينافسه في الشعر أحد· وقيل: سأل سعيدُ بن العاصي الحُطيئةَ: مَن أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول:
أفْلِحْ بما شئتَ فقد يُبلَغ با···
ضَّعفِ، وقد يُخدع الأريبُ