كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث
أنت هنا
قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
الصفحة رقم: 4
أما المعرفة فهي أوسع مجالاً من العلم ولها أدواتها ورسائلها الأخرى منها·· الوحي·· والقلب·· والبصيرة·· والإرادة·· والحس·· ولا تدخل في مجال التجريب، وهذا موضوع آخر ليس مجال حديثنا·
معارضة العلمانية للإسلام
قال الأستاذ الشملان في مقالته آفة الذكر، (لماذا توضع العلمانية في معارضة الإسلام ؟)، وفي فقرة أخرى (فكيف يمكن وضع التعارض بين العلمانية والإسلام ؟)·
فهل صحيح أن العلمانية لا تتعارض مع الإسلام ولا تختلف معه كما يقول كاتبنا الكريم ؟!
ولماذا أغفل ظروف نشأة العلمانية في الغرب في صراعها مع الكنيسة وانتهت إلى ما آلت إليه من عداوة للدين أو إقصائه من المجتمع من خلال نزع سلطات الكنيسة إلخ·
فالإسلام في منهجه يختلف عن هذه الإشكالية ومن ثم ملابسات وآراء الأفكار العلمانية ليس لها موطئ قدم عند المسلمين فمطاردة الفكر ومحاربة العلماء وحرق كتبهم والقول بالنظريات العلمية كدوران الأرض وغيرها مخالفة للدين ليست في الإسلام!
وليست في الإسلام كذلك السلطة الزمنية للعلماء ولا نظريات الحكم الإلهي كما سادت في الكنيسة الكاثوليكية في الغرب· وليس في الإسلام رجال دين يمنحون وينزعون الخير والشر والجنة والنار كما حدث في الغرب وجاءت العلمانية كرد فعل لهذه الممارسات·
الإسلام لا يقر مثل هذه التأويلات والأفكار لتقديس البشر واعطائهم هذه المكانة، وهذه التأويلات يرفضها الدين الإسلامي بصورة قاطعة·
فقضية التوافق هنا غير واردة لأسباب كثيرة:
ـ العلمانية تضع حواجز بين عالمين· الروح والمادة، وتقوم بتخطيط الأنظمة والقوانين التي تضم العلاقات الاجتماعية مجردة عن القيم الروحية - كما يقول زكريا فائد - فهي إذن تختلف عن الإسلام الذي يجمع هذا القاسم في توازن وانسجام·ـ العلمانية نفسها حسب نشأتها التاريخية تفرض على الإنسان قوانين لا توائم الفطرة السليمة للمسلم، فهي تعتمد الميكيافلية التي تقوم على أن الغاية تبرر الوسيلة !·· والإسلام يرفض هذا المبدأ ويمقته··
ـ العلمانية تقر وتبارك عملياً الفلسفة البرجماتية التي تجعل المنفعة المادية والعملية المعيار الوحيد للحكم على الأشياء أو الأفكار·· فالحقيقي هو كل ما يأتي عنه منفعة أو فائدة·· فالحقائق المجردة كالأمانة·· والصدق والنزاهة·· والحكم على الأشياء بموضوعية كل هذا عند البرجماتيين كلام فارغ)) ما لم تأت منه منفعة أو مصلحة فهنا يكون معياره صحيح؟!
أكثر من ذلك العبادة و الإيمان بالله إذا لم تأت منها فائدة فلا يؤمن البرجماتي بذلك؟
فهل الإسلام يتوافق ويتلاءم مع هذه الأفكار القاتلة لكل المعاني النبيلة لخير المجتمع واستقراره؟
ـ العلمانية تساهم ميدانياً في ترسيخ الفنون التدميرية كما شرحته الدكتورة زينب عبد العزيز في كتابها لعبة الفن الحديث (مع الاعتراف أن الكثير من الفنون في الغرب ذات مضامين راقية وقيمة)··فالإسلام لا يتوافق مع الهدم لذات الهدم بل يسعى للهدم لذات البناء·
ـ والعلمانية مرتبطة أشد الارتباط بالتكوين النفسي والاجتماعي والتاريخي للعالم الغربي، ولذلك هي غريبة عن المجتمعات العربية الإسلامية في أغلب تطبيقاتها السابقة والراهنة·
صحيح أن الغرب يريدنا وسيسعى وسيستمر في السعي أن نطبق العلمانية كما هي عنده اليوم قبل الغد!! لكنني أريد أن اسأل الأستاذ أحمد الشملان بصراحة·· لماذا يريدنا الغرب أن نطبق العلمانية في مجتمعاتنا؟هل الغرب حريص على تنمية ازدهارنا وتقدمنا ورفاهيتنا حتى تكون العلمانية مصدر التقدم والرفاهية والازدهار؟!
لماذا الغرب نفسه عندما ما انفتح على الإسلام في الأندلس ونقل المفاهيم الحضارية·· أخذ العلوم وتطبيقاتها وترك القيم·· والثقافة العربية؟·· لأن القيم مرتبطة بعقيدة المسلمين وميراثهم الحضاري·
لقد تمسك الغرب بميراث اليونان إلى الآن، لكنه رفض حتى مظاهر الحضارة العربية؟·· وهكذا لكل مجتمع موارث حضارية ونفسية واجتماعية والعلمانية هي إذن نتاج الغرب وميراثه الحضاري، وهذا حقه لا نقول أكثر من الاختلاف والتمايز بين مفاهيم الإسلام والغرب·
فالقول انه لا تعارض بين العلمانية في الإسلام رأي تنقصه الموضوعية والدقة بكل معنى الكلمة·