أنت هنا

قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
أحد الكتاب العرب قال عن العلمانية في كتاب له بأن العلمانية هي خشبة الخلاص الوحيدة لمجتمعنا العربي التعس لأنها كما قال - تعزز حرية المعتقد وحرية التصرف وحرية التعبير التي تقرها شرعية حقوق الإنسان ؟!
 
تعالوا نرى تطبيق هذا الكلام الجميل في مجتمعات الغرب العلماني على غيرهم من الشعوب والأجناس التي تحمل الجنسية الأوروبية ولكنها تدين الإسلام؟!
 
فمثلاً قضية الحجاب (غطاء الرأس) في فرنسا على وجه الخصوص، البلد العلماني العريق· الليبرالي الديمقراطي إلى آخر المصطلحات إياها، ضاق ذرعاً بحجاب قلة من الفتيات المسلمات صغار السن· والطرد مستمر للفتيات المحجبات بسبب ارتدائهن الحجاب! والأدهى والأمر في ذلك أن بعض الطالبات عندما تقدمن برفع قضية للسماح لهن بالحجاب رفضت المحكمة ذلك تحت بند أن العلمانية لا تقبل ذلك·· (العلمانية لا تقبل ذلك ؟! (يا عيب الشوم) كما يقول إخواننا الشوام، والتي كما قال صاحبنا أنها تعزز حرية المعتقد، حرية التصرف، وحرية التعبير، وهي خشبة الخلاص للمجتمعات العربية كما يقول بعض العلمانيين!!·
 
ما الفرق بين حجاب الرأس عند المسلمة وغطاء الرأس عند الراهبات المسيحيات ؟
 
القضية إذن عنصرية والكلام الذي نقرأه ونسمعه مجرد شعار فقط·
 
أيضا لماذا لم تقدم المعونة المالية لافتتاح مدرسة إسلامية في بريطانيا بينما يقدم الدعم المالي لأبناء الديانة اليهودية وغيرها ؟ إذن أين هي قيم العلمانية التي يرددها كتابنا العرب والذين لا يكفون عن الصيحات (بجنة) العلمانية ! وأنها خشبة الخلاص لتعاستنا !! والعلمانية نفسها في الغرب لم تستطع أن تحصر الدين في الفرد بطريقة ايجابية، ولم تستطع أن تجعل أبناء الطوائف المختلفة الذين يعيشون في بلد واحد يشعرون أنهم إخوة في الوطن الواحد·· حتى أن شعار (دع ما لقيصر لقيصر·· ودع ما لله لله) لم يعد له وجود في الحياة العلمانية في الغرب· فلماذا القول بعدم التعارض بين الإسلام والعلمانية إذا ؟
 
امتيازات الاحتكار
 
يقول الأستاذ / الشملان في معرض تأكيده في نقد مقولة التعارض بين الإسلام العلمانية إن القضية تحديدا في إظهار معسكر علماني في مواجهة معسكر ديني هي الخوف من امتيازات الاحتكار المطلق في التصرف في الإرث الديني الإسلامي وتكييفه بما يخدم مصالح أولئك الحراس الخ·
 
هل يعقل بهذا التبسيط المجافي للموضوعية أن تنحصر قضية (العلمانية) ووجودها بمعسكر هنا·· ومعسكر هناك والهدف هو امتيازات الاحتكار و المصالح الذاتية كالتي عاشتها أوروبا في القرن السابع عشر ؟!
 
وحتى لا يعتقد الأستاذ الفاضل بأننا ننحاز لإحدى الثكنات التي ذكرها في مقالته تلك سوف نورد بعض أراء الكتاب والمفكرين المشهود لهم بالعقلانية والاستنارة المنطقية والحيادية الفكرية ليقولوا رأيهم في العلمانية وأعرف أن الأستاذ أحمد الشملان يقدرهم ويحترمهم·· وربما أورد ذكرا لهم في مقالات سابقة·
 
يقول المفكر العربي محمد عابد الجابري أن الإسلام دين ودولة في آن واحد، وان العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة غير ذات موضوع في الإسـلام لأنـه ليـس فيه كنيسة حتى تفصل عن الدولة أو تفصل الدولة عنهــا·
 
وفي صفحة أخرى في مقالة مجلة اليوم / السابع من ابريل 1989م يقول أن مسألة العلمانية في العالم العربي مسألة مزيفة بمعنى أنها تعبر عن حاجات بمضامين غير متطابقة مع تلك الحاجات وأنه من الواجب استبعاد شعار العلمانية من قاموس الفكر العربي
 
كاتب بارز آخر، وهو عبد الإله بلقريز، يقول في مقالة بعنوان (في نشوء وإخفاق الدعوة العلمانية في العالم العربي) أن - العلمانية ما هي إلا حصيلة للسيطرة الاستعمارية السياسية والاقتصادية والثقافية على المنطقة العربية
 
الدكتور / حسن حنفي، قال أيضا في هذا الصدد: إن الإسلام لا يحتاج إلى العلمانية، ولذلك نرفض التغريب والعلمانية توجد أراء لحسن حنفي مناقضة لهذا الرأي لذا اتهم بالتناقض والتقلب في أرائه·
 
المفكر العربي السوري الشهير د/ برهان غليون في كتابيه (المسألة الطائفية وقضية الأقليات) و(مجتمع النخبة) قال: العلمانية لم تنبت هنا من الصراع الداخلي·· ولكنها نشأت عن طريق التبني من قبل نخبة محدودة العدد وغالبا معزولة من الشعب ، وأنها، أي العلمانية تبدو عندنا مصطنعة منقولة عن الغرب
 
أستاذ القانون الدستوري المعروف د/عصمت سيف الدولة قال في كتابه عن العروبة والإسلام : لعل مرجع الظن بأن كلمة (علمانية) قادرة على الإيحاء بما يرضي غرور مستعمليها أو أحلامهم ما يدخل في تركيبها من حروف كلمة العلم حتى لتكاد تنبئ بأنها مشتقة منها أو ذات صلة وثيقة بالعلم·· وهي ليست كذلك، لا علاقة البتة بين العلمانية نزعة، وبين العلم منهاجا، والأصل اللاتيني للترجمة العربية ينفي مثل هذه الصلة
 
وهناك العشرات من الكتاب الذين لا يتعسكرون مع احد ضد احد لا يتسع المجال لسرد مقولاتهم في العلمانية وآراؤهم كلها تجمع على أن العلمانية منبت غريب الصلة بالواقع العربي والفكر الإسلامي، وإنها دعوة لإبعاد الدين عن المجتمع وظروفها وبيئتها في الغرب فقط، وهي إشكالية لم تطرح عند المسلمين لان الإسلام لا توجد به دولة دينية بالمعنى الحرفي للثيوقراطية الغربية
 
فلماذا السباق المحموم للدفاع عن العلمانية واعتبارها ذات صلة بواقعنا العربي الإسلامي وأنها تعني العلم والعلمية ؟
 
الجواب آت من مفكر مشهود له بالعقلانية النزيهة وهو د/ برهان غليون في قوله: أن تحويل العلمانية إلى مذهب قائم بذاته أي إلى مصدر ومنبع قيم متميز عن قيم المجتمع كما حصل في تركيا الكمالية وفي بعض بلادنا العربية لا يمكن أن يعني إلا انتحال نموذج قيم الثقافة القومية التي شهدت مرحلة نشوئها، أي القيم الثقافية الأوروبية، وفي هذه الحالة لن تكون هي العلمنة، ولكن الاستلاب الروحي ؟
 
فالقياس على أنماط ونماذج خارج دائرة الوعي العربي جهاد في غير عدو كما يقول الفقهاء، لذلك فإن الهجوم على الدين والإساءة إليه من قبل البعض لن تحقق أهدافه، كما كتب أحدهم في (مفهوم النص) مزيّفاً حقائق الدين ومتحاملاً على أحد أئمة المدارس الفقهية بالكذب والافتراء بدون أن تكون هناك مبررات تستدعي ذلك سوى قصد الإساءة إلى عقائد الأمة الإسلامية وميراثها الحضاري·
 
وكان بودي ألا يدافع الأستاذ أحمد الشملان عن دعاة العلمانية وأنصارها الذين لا هم لهم إلا تشويه الدين وإثارة الشبهات والمقولات الكاذبة حوله تحت شعار (حرية التفكير والإبداع) أي إبداع هذا الذي يقولونه في مناسبة وغير مناسبة··؟ أهو كتاب (نقد الفكر الديني) لصادق جلال العظم الذي امتدح إبليس لعدم سجوده للخالق عز وجل ؟·أهو كتاب (الآيات الشيطانية) للمرتد سلمان رشدي الذي صار ورقة رائجة في الغرب العلماني للطعن في دين الإسلام ونبي الإسلام ؟!
 
هل يعرف الأستاذ الشملان أن كتاباً صدر في فرنسا وترجم للعربية به آراء عشرات الكتاب العرب للأسف للدفاع عن سلمان رشدي باسم الحرية والإبداع والعلمانية في الوقت الذي استنكره العديد من العلماء والمفكرين الغربيين ؟
 
وهل يتذكر الأستاذ الفاضل مقالته القوية عن (المؤتمر الدولي للفكر والإبداع) الذي نظمه الكاتب الماركسي سابقاً لطفي الخولي·· العلماني والديمقراطي حالياً ؟!
 
أقول هل يتذكر ما قالوه في المؤتمر الذي أسماه مؤتمر التضليل العالمي المشبوه على ما أذكر ؟ واعتبر النضال الفلسطيني ضد إسرائيل بأنه إرهاب !!
 
معقول مؤتمر الفكر والإبداع يعتبر أطفال الحجارة إرهابيين !
 
هذا التنديد الذي قاله الأستاذ الشملان عن هذا المؤتمر أعتبره أمراً يدعو إلى التقدير فعلاً·· لكن عتابنا الشديد في دفاعه عن العلمانية واعتبارها مرادفة للعلمية والعقلانية في مواجهة التزمت والكبت وقهر التفكير !ختاماً أرجو من الأستاذ الشملان أن يتسع صدره لهذا الحوار الذي نعتبره جميعاً ظاهرة حضارية في الاختلاف··

الصفحات