كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث
أنت هنا
قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
الصفحة رقم: 7
فعندما تواجههم بالمنطق وتفند دعواهم الواهية بالرد العملي الرزين تجد أنهم تتداعى أوهامهم عند النقاش فزعاً وهلعاً، فإذا بهم يرمون الاتهامات جزافاً لمخالفيهم بطريقة غريبة أشبه بالمناورة الساذجة التي قام بها الممثل سعيد صالح في مسرحية (مدرسة المشاغبين) في قوله لأستاذه عندما عجز عن الإجابة فين السؤال ؟·· فين السؤال ؟·· أعطيني السؤال تلاقيني فريّرة
فهي مناورة مكشوفة ولعبة قديمة، فهؤلاء عندما كسدت بضاعتهم وسقطت الأقنعة وتهاوت الأفكار الشمولية والقهرية تخندقوا في أفكار جديدة ونظريات معلبة وجاهزة، ولما يحتاج لها الترويج المغلف بالعلم والعلمية والإبداع وحرية الفكر!!
ولعل أفضل رد على هذه الدعاوي ما قاله المفكر والكاتب البارز د· محمد عابد الجابري في معرض مناقشته لثقافة الاختراق الفكري في قوله: إذا كان الصراع الأيديولوجي صراعا حول تأويل الحاضر وتفسير الماضي والتشريع للمستقبل فان ثقافة الاختراق الثقافي تستهدف الأداة التي يتم بها ذلك التأويل والتفسير والتشريع: تستهدف العقل والنفس ووسيلتهما في التعامل مع العالم ويستطرد: الإدراك ؟ـ أي نعم الإدراك !!
الاختراق الثقافي
ويضيف في فقرة أخرى ومع أن جميع المعطيات التي حللناها تؤكد وجود هذه الظاهرة ليس فقط بوصفها إحدى معطيات التطور الحضاري العام، بل أيضا بوصفها صادرة عن استراتيجية وتخطيط قوي تريد الهيمنة وتعمل على فرضها مع ذلك كله فنحن نعي جيدا أن هناك من المثقفين العرب من يفضل السكوت عن الجوانب التي أبرزنا لينظر إلى الظاهرة التي نحن بصددها لا بوصفها اختراقا أو غزوا بل من خلال كونها مظهرا من مظاهر المثاقفة ! وأنها فضلا عن ذلك الوسيلة الضرورية، ولربما الوحيدة لتحقيق التمدن والحداثة، و الدخول في العصر ، والمساهمة في إنجازاته الحضارية·
فنحن - كما يقول الدكتور الجابري - لن نخوض في الدوافع التي تؤسس مثل هذه الاعتراضات أو الرؤية الانفتاحية التي قد تكون عند بعضهم نتيجة من نتائج فعل الاختراق الثقافي فيهم، وعند آخرين تعبيرا عن هواجس ومخاوف وأوهام يحركها شعور بالغربة أو الهامشية·· لن ندخل هنا في تحليل مثل هذه الدوافع التي جعلت بعض المثقفين العرب يتحولون إلى عملاء حضاريين للغرب، حسب تعبير الدكتور أنور عبد الملك، فحال هؤلاء معروفة إذ جلهم يتخذ من الجهل ثقافة، ومن الاغتراب حداثة والانشغال بهم بالتالي مضيعة للوقت وإشغال الناس بما لا يجدي
فهؤلاء لا ينفع معهم الحوار وروح الاختلاف العقلاني وأساليب المحاورات المنطقية·· فأنت تختلف معهم إذن أنت عدوهم ! وصاحب اتهامات خبيثة ! وتريد شق المجتمعات العربية !! وأخيرا أن العداء للعلمانية ثمنه مرتفع ؟!!
أي منطق يقال عند النقاش والحوار والجدل الهادئ، ماذا يعني العداء للعلمانية له ثمن يقدم لكي تكون لها أعداء!! ونحن نطلب من صاحب الأفكار الذكية والاكتشاف العجيب أن يقول لنا من يقبض الثمن من من؟ وهل معنى هذا أن يكون الدكتور الجابري وبرهان غليون وعصمت سيف الدولة وأنور عبد الملك وعبد الوهاب المسيري ومن قبلهم الشيخ محمد الغزالي وفهمي هويدي ومحمد عمارة وكمال أبو المجد وعشرات العلماء والكتاب والباحثين كل هؤلاء قبضوا ثمن العداء للعلمانية أو مخالفتها ؟!!
أي منطق هذا الذي يطرح على صفحات الجرائد·· بل أي حوار يناقش عبر وسائل الإعلام ؟!
فإذا كانت العلمانية بهذه المكانة عند صاحبنا الذكي، الحاد الذكاء،وأن كل هؤلاء الكتاب والأقلام التي تناولتها بالنقد قد قبضت الثمن ! فهذا الاتهام يحتاج إلى وقفة تأملية في أحوال البعض من أدعياء الاكتشاف الجديد !!
لكن الأصح أن الانشغال بهم ربما لا يجدي نفعا، فهم لا يتورعون عن السباب والاتهام الجزافي لأنهم من أصحاب النظرة الأحادية الضيقة التي هي من بقايا الأفكار الشمولية والقبضة الحديدية·· وإحدى ثمار الاختراق الثقافي والاغتراب·· وإلا فلماذا الدفاع عن العلمانية وفي نفس الوقت اعتبارها مرادفة للعلم، وأنها لا تتناقض مع الإسلام؟ !
الهدف واضح·· فهؤلاء يسعون الى أن تكون العلمانية هي شعارهم الذي لا يخفت مع أنها فكرة قابلة للنقاش والحوار والاختلاف حتى عند أصحابها ومؤسسيها·· وما التشنج والتهم التي ترمى هنا وهناك إلا إحدى مؤشرات التبديل في حالة اللاوعي كما يقول علماء النفس أو هي أشبه بتأثير انسلاخ الأفعى عن جلدها الذي يتبعه ظهور جلد مماثل له على الفور، ولكن بطريقة سفسطائية وتحت الأضواء الكاشفة !!·