كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث
أنت هنا
قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
الصفحة رقم: 10
في مسالة الفصل بين
العلمانية والديموقراطية(5)
في مقالته في صفحة أفكار - الحياة - بتاريخ 25 ديسمبر 2005 والتي حملت عنوان فصل إشكالي بين الديمقراطية والعلمانية كتب كرم الحلو تعليقاً على كتاب محمد عابد الجابري في نقد الحاجة إلى الإصلاح: يمثّل هذا النص للجابري أنموذجا للالتباس المفهومي في الخطاب السياسي العربي الراهن، إذ يحمل تصورا ملتبسا لمفهوم ما على إعادة تشكيل الشبكة المفهومية بالكامل تشكيلاً ملتبساً تختلط فيه المعاني والأهداف والتصورات وتضيع البوصلة الموجهة للرؤية الأيديولوجية والفلسفية الكامنة في المفهوم ذاته، وما تنطوي عليه من مبادئ وأحكام واستنتاجات ملازمة· فهل كان الطرح العلماني بالفعل عبّر عن حاجات معيّنة بمضامين غير متطابقة مع تلك الحاجات ؟ وهل العلمانية مقرونة ضرورة بالإلحاد ؟ وهل يمكن الفصل بينها وبين الديموقراطية ؟·
ويضيف الحلو في فقرة: ولكي تكون ثمة ديموقراطية، يجب أن تتوافر شروط ومبادئ أساسية أغفلها موقف الجابري، وأولها الاعتراف بالفرد الإنساني وبمركزيته السياسية والاجتماعية· وثانيها قيام النظام السياسي على عقد اجتماعي يختاره أفراد المجتمع بإرادتهم ويلتزمون به طوعياً· وثالثها المساواة التامة بين أفراد المجتمع في المواطنية والحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو المذهب أو الطائفة·
لقد فات الجابري أن هذه الشروط والمبادئ التي تشكل جوهر الديموقراطية لا يمكن تحققها من دون العلمانية التي تفصل بين الفضاءين الديني والسياسي
والحقيقة أن المرء يستغرب أشد الاستغراب أن يكون الطرح النقدي من الكاتب كرم الحلو بهذه الرؤية والاجتزاء غير الدقيق لقضية العلمانية الغربية·
والذي لا يختلف عليه أحد أن العلمانية قضية غربية لمشكلة تقع في صميم الفكر الغربي المسيحي والديانة المسيحية التي تفصل بين الدين والدولة أو الدنيا، وهذا ما عبر عنه القول المأثور المعروف للسيد المسيح أو أحد أتباعه في العصر الأول الميلادي دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر وهذا يعني أن هذه دعوة واضحة للفصل بين الدين والدولة أو السلطة·
وعندما حاولت الكنيسة الغربية أن تستأثر بالدين والدولة وتتدخل في قضايا الحياة والكون، كانت الثورة على الكنيسة وأفكارها وتم عزلها وتحجيم دورها الذي كان سلبياً ومناقضاً للعلم والتطور والتقدم· والذي أود قوله على ما قاله الكاتب كريم الحلو، أن عزل الكنيسة وفرض العلمنة ليس خروجاً على الدين المسيحي أو إلحاداً، وإنما هو عودة إلى المنابع الأولى للديانة المسيحية التي ترى أنه يجب أن ندع ما لله لله وما لقيصر لقيصر صحيح أنه حدث رد فعل على تجاوزات الكنيسة وتدخلها، وطالت الدين نفسه، ولنا في أفكار وكتابات بعض فلاسفة التنوير العلمانيين ما يغني عن الشرح·
لكن هذا المبدأ لا ينطبق على الإسلام كلية، فالإسلام لا يفصل بين الدين والدولة أو الدنيا، لكن هناك تمييزاً بينهما ضمن أطر ومحددات وضعها الفكر الإسلامي، وتلك مسألة تحتاج إلى طرح آخر·
القضية الأخرى التي أشار إليها الكاتب كرم الحلو هي قضية ارتباط العلمانية بالديمقراطية وأنه لا بد من العلمانية لكي تطبق الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة الخ·