كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث
أنت هنا
قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات
الصفحة رقم: 8
الإسلام والعلمانية
وقفة حوار مع د/حسن حنفي(3)
يعد الدكتور حسن حنفي من الباحثين المعروفين في مجال الفكر الحضاري، والتراث المعاصر، ودعوته الدائمة إلى تبني المشروع الحضاري العربي، الذي يوائم بين القيم الغربية والإسلام، معروفة ومبثوثة في أبحاثه ومقالاته العديدة، وهي دعوة تنقصها الواقعية المبنية على حقيقة هذا الطرح ومعقوليته·
ومن هذه الأطروحات التي يروج لها مقولة أن الإسلام دين علماني في جوهره وهي مقولة ليست جديدة، بل أن حسن حنفي في حواره مع المفكر/محمد عابد الجابري في حوار المشرق والمغرب قد طرحها، لكن بأسلوب لا يخلو من الغموض والالتباس والمداراة·
أيضاً في ندوة الإسلام والحداثة التي نظمتها مجلة مواقف في لندن 1991م، وفي إحدى المداخلات بالندوة قال ما نصه: نحن منذ فجر النهضة العربية الحديثة وحتى الآن نحاول أن نخرج من الإيمان السلفي،إلا أنهم أطول باعا في التاريخ منا، وأكثر رسوخاً، ووراءهم تراث حضاري ضخم، ونحن الأقلية (يقصد العلمانيين)·· كيف نستطيع أن نحجم هذا الأخطبوط الكبير ؟ وكيف نستطيع لهذه الأقلية أن نجعلها أكثر من الأقلية في الوقت الذي يكون وعينا القومي متعادل الكفتين؟·· أقصد ليس برجل قصيرة وأخرى طويلة،لأنه سيكون عندئذ أعرج وليس بعين قوية وعين ضعيفة لأنه يكون عندئذ أعور· لكن لو كان وعينا القومي خلال ألف وأربعمائة سنة مشكلاً من سبعمائة سنة من المحافظة وسبعمائة أخرى من العقلانية والحداثة والعلمانية - إلى آخر ما يقول - فعندئذ أستطيع أن أستبشر خيراً· وبالتالي فإن التقدم عندي سلبي، وليس إيجابياً، وأعتقد أن الإخوة العلمانيين يستعجلون التقدم لأنهم يريدونه إيجاباً فقط، وأنا أريد أن أمنع عوائق التقدم أي اعمل للتقدم سلباً، إذا جاز التعبير فإذا ما استطعت ذلك عندئذ أسلم المجتمع العربي للإخوة العلمانيين لكي يبنوه إيجاباً ومن ثم فأنا مقدم لهم ص 118·
وفي مداخلة أخرى في هذه الندوة التي جمعت في كتاب، قال د/حسن حنفي ما نصه: العلمانية ليست في بنية الخطاب· إن المجتمع يوظف الدين توظيفات ثلاثة، والعلمانية لا تأخذ حتى واحداً في المسألة من هذه البنية· كيف تزاحم العلمانية توظيف الدين في السيطرة، وكيف تزاحم تثوير الدين في الطبقة المتوسطة، وكيف تزاحم المصالحة للطبقات المقهورة·· العلمانية لا وجود لها·فإذن لكي يكون خطابك متسقاً لا بد أن تفسح مجالاً للسؤال التالي: كيف تستطيع العلمانية أن تزاحم هذا التوظيف الثلاثي للدين طبقاً للتقسم الثلاثي للمجتمع؟ ص277·
وفي كتابه التراث والتجديد ص(55) قال حسن حنفي أيضاً: العلمانية في تراثنا وواقعنا هي الأساس واتهامها باللادينية تبعية لفكر غريب وتراث مغاير وحضارة أخرى !
هذه النصوص الموثقة للدكتور حسن حنفي جعلني أتابع مقالاته الأخيرة عن العلمانية التي نشرت بالبيان في أعداد متتالية لعلني أجد رأياً جديداً أو مغايراً لما كان يقوله عن العلمانية لأن المراجعة في قضايا الفكر مسألة محورية وطبيعية في مسار الأمة الفكري ولا غضاضة في ذلك·لكنني للأسف وجدت الدكتور حنفي في هذه المقالات لا يراوح مكانه في مشروعه القديم/الجديد في مسألة العلمانية بل أنه يحاول في هذا الطرح أن يلمع العلمانية بصورة جديدة حتى تتم الاستجابة لطرحه الجديد،وهو عبر عنه آنفا في مقولته فإذا ما استطعت ذلك عندئذ أسلم المجتمع العربي للإخوة العلمانيين ؟!
ومن هذه المنطلقات الجديدة التي طرحها ما قاله بجريدة البيان والتي حملت عنوانه السلفية والعلمانية بتاريخ 18 أبريل 1996م: وقد أكد الفكر الإسلامي القديم ذلك،فعند المعتزلة العقل أساس النقل والطبيعة لها قوانينها المستقلة والعدل مع التوحيد أصلاً من أصول الدين والإنسان صاحب أفعاله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والرقابة على الحكام واجب العلماء، ولا فرق في ذلك بين السلفية والعلمانية !
وفي فقرة أخرى من نفس المقال يقول يقوم الإسلام على التعددية والاجتهاد فللمخطئ أجر وللمصيب أجران، وعلى التعبير الحر فالكل راد والكل مردود عليه والحق النظري متعدد وإن كان الحق العملي واحداً، فأي خلاف بين السلفية والعلمانية على قيم التعددية وحرية الرأي والديمقراطية والحداثة والعصرية·· الخ
وفي مقالته الشعارات العلمانية في ثلاث حلقات،قال الدكتور حسن حنفي في الحلقة الأولى ما نصه: والسؤال هو:هل الشعارات العلمانية غريبة عن الثقافات العربية والتراث الإسلامي الذي يشكل الراد الأساسي فيها أم أنها تعبر عن مضمون الثقافة العربية سواء بألفاظها أو بألفاظ أخرى بديلة
بعد ما حشد الدكتور حنفي العديد من الآراء والعبارات التوفيقية التي تبرر عدم الاختلاف وضآلة الفروق بين العلمانية والإسلام فقال: فإذا كان شعارا العلمانية العقل والعلم، قد تم تحقيقهما في الثقافة العربية وفي التراث الإسلامي، ففيم الخلاف بين الشعارات العلمانية ومضامينها التراثية؟!!