أنت هنا

قراءة كتاب مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات

كتاب "مساجلات نقدية - ردود وتعقيبات" لا شك أن تبادل الحوارات والنقاشات في قضايا فكرية وسياسية وثقافية تعتبر قيمة رفيعة في الحراك الثقافي والفكري في أي مجتمع من المجتمعات، كما أن ديننا الإسلامي يحض على الحوار، والقرآن الكريم يعتبره البعض كتاب حوار في آيات كث

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6
حواجز الحوار اللامعقول !(2)
 
للأديب اللبناني المعروف الراحل ميخائيل نعيمة بعض الآراء الرمزية والأمثال الحية ذات المعاني العميقة في حياة الناس وتناقضاتهم·· ومما يرويه في ذلك أن الثيران تنادت يوماً للنظر في شأنها مع الإنسان وفي السبيل إلى التحرر من نيره، وكان بين الجمع واحد يتوقد حماسة وشعراً وانبهاراً بذاته الذكية ودفاعه عن الحقوق وتكسير القيود والأغلال التي تعيق الحرية (!!) وأقنعهم بأن الحرية تؤخذ ولا تعطى، وأن بابها المخضب بالدماء لا يقرع إلا بقرون مخضبة بالدماء، وأن لا سبيل إليها إلا باغتصابها في بيتها· فاتخذوه قائداً ودليلاً ومشوا وراءه صارخين: إلى الحرية، إلى الحرية وما زال بهم حتى بلغ بيتاً جدرانه وبابه مضرجة· فقال لهم: هذا بيتها وهذا بابه· فاقتحموا الباب ولا ترتدوا وإن انكسرت قرونكم وسالت دماؤكم أنهاراً·
 
فما كان من الثيران إلا أن امتثلت لأمر قائدها فتكسرت قرونها وسالت دماؤها· وفي النهاية حطمت الباب ودخلت البيت· فإذا بها - في المسلخ··!!
 
هذه الحكاية الرمزية التي رواها ميخائيل نعيمة ذكرتني بقضية السفسطة ذلك المذهب الفلسفي القديم / الجديد، وأتذكر في طفولتنا الساذجة عندما نختلف ترد على ألسنتنا هذه اللفظة ولا نعرف كيف جاءت ولم ندرك مضمونها الدقيق وإن كنا نعتبرها الحوار الذي لا يؤدي إلى نتيجة والابتعاد عن النقاش الحاد الذي يجلب الخصام· وكبرنا وعرفنا بعدئذ أنها مذهب يوناني في الفلسفة وتعني تلبيس الحق بالباطل والدفاع عن الحجة ونقيضها·
 
وكان الهدف من هذه السفسطائية عند أهلها من حيث التلاعب في الألفاظ والمناورة في الكلام الخاوي المتناقض مع نفسه ومع المنطق هو الاعتقاد الذاتي لهذا الخداع النفسي الواهي منطقاً وعقلاً بأنهم أقدر من الفلاسفة على المحاورة والمجادلة وتأليف القياسات الصورية التي لا تمت إلى الواقع بصلة !
 
تفتيش النوايا !
 
في حياتنا المعاصرة هناك سفسطائية جديدة ربما أفظع من سفسطائية اليونايين القدامى·· فالسفسطائية القديمة كانت تدافع عن الحجة ونقيضها وتلبس الحق بالباطل·· لكن سفسطائية عصرنا ويا للعجب !! فهي تزيد عليها بأشياء كثيرة وأهمها أنها تحاول أن تجعل حقائق الحوار وبديهية النقاش لها صلة بقضايا أخرى وأشياء مدفوعة وأخرى مؤجلة واتهام وشتم وتفتيش النوايا والقلوب كل هذا لمجرد أنك ناقشت قضية مطروحة وقابلة للحوار لكن ليست على طريقة صاحبنا الهمام الذي يريد أن يثير الغبار لمجرد الاختلاف في الرأي لكننا لن ننزل إلى مستوى الذي يهدف إليه بحيث يجعل للنقاش المنطقي خلفيات ومرامي مبطنة بالخبث وسوء النية··· إلخ·

الصفحات