"حروب الخليج في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين" كتاب سياسي شامل للمؤرخ الأردني الدكتور علي محافظة تحت عنوانتناول فيه حروب الخليج الثلاث من خلال قراءة تسعة عشر كتاباً تضم مذكرات كبار الساسة والعسكريين الغربيين.
أنت هنا
قراءة كتاب حروب الخليج - في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
حروب الخليج - في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين
الصفحة رقم: 3
يرد نيكسون على أصحاب هذه الرؤية للعالم الإسلامي بالقول: صحيح أن العالم الإسلامي واسع جداً ومتنوع ومتباين، بحيث يتعذر عليه تجميع قواه وتنسيقها وصحيح أيضاً أن المسلمين يؤلفون سدس سكان العالم (850 مليون نسمة سنة 1990) يعيشون في (37) دولة، ويتوزعون على (190) أمة ومجموعة عرقية تتكلم مئات اللغات واللهجات المختلفة، وينتمون إلى ثلاث طوائف دينية هي: السنة والشيعة والصوفية، وعشرة مذاهب أو أكثر· ويبلغ طول العالم الإسلامي عشرة آلاف ميل، يمتد من مراكش إلى يوغوسلافيا، ومن تركيا إلى باكستان، ومن جمهوريات آسيا الوسطى إلى إندونيسيا· ويعيش في الصين من المسلمين أكثر ممن يعيش منهم في شبه جزيرة العرب· ويتجاوز عدد المسلمين في إندونيسيا سكان الشرق الأوسط كله· وقد يتجاوز عدد المسلمين في الاتحاد السوفياتي عدد الروس في القرن الحادي والعشرين·
يجمع المسلمين، في نظر نيكسون، عاملان فقط هما: العقيدة الإسلامية والاضطراب السياسي، فالإسلام ليس مجرد دين وإنما هو أساس لحضارة كبرى· ويأخذ على الغربيين نظرتهم إلى العالم الإسلامي ككيان منفرد· ويؤكد أن لا وجود لمكتب سياسي إسلامي يوجه سياسات هذه العالم، وإنما هناك أمم تشترك في اتجاهات سياسية وثقافية لها صلة بالحضارة الإسلامية· وكما يوجد في جميع الدول الغربية أحزاب سياسية تنادي بحرية السوق، ودولة الرفاه الاجتماعي، والاشتراكية، توجد في الدول الإسلامية جماعات تدعو إلى الأصولية والراديكالية والحداثة· الاشتراك في العقيدة وفي التوجهات السياسية يفضي إلى تضامن حقيقي بين المسلمين ولكنه تضامن ضعيف· ويبرز هذا بوضوح حينما يحدث حادث كبير في العالم الإسلامي يتردد صداه في أجزائه الأخرى·
يتسم العالم الإسلامي، في رأي نيكسون، بالخصومات التي حولته إلى مرجل يغلي بالنزاعات· فالمغرب ضد الجزائر، وليبيا ضد الجزائر، وليبيا ضد تشاد، وسوريا ضد الأردن، وسوريا ضد لبنان، والأردن خصم للعربية السعودية، والعربية السعودية ضد دول الخليج الصغيرة، والعربية السعودية خصم لليمن، والعراق خصم لسوريا، والعراق خصم للكويت وللعربية السعودية، والعراق خصم لإيران، ودول الخليج العربية ضد إيران، وباكستان ضد أفغانستان، والهند خصم لباكستان، وبنغلادش وإندونيسيا ضد ماليزيا وغينيا الجديدة، ولما كان العديد من هذه الدول كيانات مصطنعة مؤلفة من أمم وجماعات عرقية عدة، فالنزاعات الداخلية تسود هذه المنطقة من العالم· وتساهم الخلافات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تغذية هذه النزاعات· ومن المعروف أن مراكز التفجر السكاني في العالم مستقرة في العالم الإسلامي، واقتصادياته لن تنمو بما يكفي للحيلولة دون تدني مستوى المعيشة، وهذا يضعف من قدرة حكوماته على تجنب أخطار على الاستقرار والسلام في المنطقة· وبسبب فقر المنطقة بالمياه ستندلع خلافات ونزاعات وحروب فيها· ولما كانت الحدود بين هذه الدول قد اصطنعتها الدول الأوروبية الاستعمارية فهي مهددة بالتحدي من قبل الدول والأقليات الأثينية داخلها· أما أنظمة الحكم في العالم الإسلامي فمعظمها مستبد ومتسلط ودكتاتوري أو ملكي تقليدي تعتمد على احتكار السلطة أكثر من اعتمادها على رضى شعوبها وتأييدها· أما التحرر السياسي فقد أفضى في معظم الحالات إلى التجزئة والتفكك دون أن يؤدي إلى الديمقراطية·
وفي سنة 1990، أنفقت دول العالم الإسلامي ما يربو على 8% من مجمل إنتاجها القومي على التسلح، بينما كان إنفاق الدول الغربية أقل من 5%، فقد أنفق العراق 8% من إنتاجه القومي، وسوريا 11%، والعربية السعودية 17%، ومصر 8%، وباكستان 7%· ومن بين الدول الخمس عشرة التي تملك صواريخ بالستية تسع منها إسلامية· وأخطر دولتين نوويتين في المنطقة هما إسرائيل وباكستان·
يقول نيكسون: لقد زرت ثلاث عشرة دولة إسلامية من الدول السبع والثلاثين خلال السنوات الثماني والثلاثين التي سبقت تأليف كتابه هذا، ووجد قادتها يفخرون بتراثهم، ومعظمهم مناهض للشيوعية· وباستثناء اليمن الجنوبي، لم يستند النفوذ السوفياتي في العالم الإسلامي إلى الإعجاب بالأفكار الشيوعية، وإنما إلى الحاجة لشراء الأسلحة السوفياتية· ويؤكد نيكسون أن الإسلام صمد أمام الشيوعية بثبات أفضل من المسيحية·
ويؤكد أن قلة من الأمريكيين يعرفون التراث الغني للعالم الإسلامي، ومعظمهم يتذكرون أن الإسلام انتشر بالسيف في آسيا وأفريقيا وأوروبا، ويتجاهلون أو يجهلون أن لا مكان للإرهاب في العقيدة الإسلامية، وأن أوروبا قد أمضت ثلاثة قرون من الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت·
هذه هي صورة العالم الإسلامي السلبية كما قدمها ريتشارد نيكسون· وسوف نرى في المقال القادم صورة زاهية للإسلام في العصور الوسطى، وتصوراً لنيكسون لمستقبل علاقات العرب بالعالم الإسلامي·