"حروب الخليج في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين" كتاب سياسي شامل للمؤرخ الأردني الدكتور علي محافظة تحت عنوانتناول فيه حروب الخليج الثلاث من خلال قراءة تسعة عشر كتاباً تضم مذكرات كبار الساسة والعسكريين الغربيين.
أنت هنا
قراءة كتاب حروب الخليج - في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

حروب الخليج - في مذكرات الساسة والعسكريين الغربيين
الصفحة رقم: 4
الاتجاهات السياسية في العالم الإسلامي
بعد أن استعرض نيكسون صورة الإسلام والمسلمين السلبية لدى الأمريكيين والغرب، وحاول إزالة الأوهام التي تكونت لديهم عن خطر الإسلام والأصوليين المسلمين، بإبراز عناصر الضعف والنزاع في صفوفهم، سعى إلى تقديم صورة زاهية عن الإسلام والمسلمين في العصور الوسطى· يقول في هذا الصدد: بينما كانت أوروبا تهيم في دياجير الظلام في العصور الوسطى بلغت الحضارة الإسلامية عصرها الذهبي، وقدم العالم الإسلامي مساهمة عظيمة في العلوم والطب والفلسفة ويستشهد نيكسون بالمؤرخ الأمريكي ويل ديورانت Will Durant في كتابه عصر الإيمان The Age of Faith، الذي أكد فيه أن مفتاح التقدم في جميع العلوم كان في أيدي المسلمين في هذا العصر· كان ابن سينا أعظم المؤلفين في الطب، والرازي أعظم الأطباء، والبيروني أبرز الجغرافيين، وابن الهيثم، أشهر علماء البصريات، وجابر بن حيان أعظم الكيميائيين، وابن رشد أشهر الفلاسفة· وكان للعلماء العرب مساهمة جلى في تطوير أساليب البحث العلمي· وكتب ديورانت: جلب روجر بيكون Roger Bacon هذا الأسلوب إلى أوروبا، بعد خمس مئة سنة من ظهور جابر بن حيان· فالفضل في اكتشافه يعزى إلى عرب إسبانيا الذين جاؤوا بالتنوير من الشرق الإسلامي ولما تقدم علماء النهضة الأوروبية في ميادين المعرفة، واصلوا اكتشافاتهم بسبب اعتمادهم على عمالقة العالم الإسلامي·
عاد نيكسون، بعد إشادته بماضي العرب والمسلمين، إلى ما يجب انتهاجه من سياسات للهيمنة على العالم الإسلامي واستغلال ثرواته· يقول في هذه الاتجاه: يجب أن نتبنى سياسات توجه التطور التاريخي الطويل للعالم الإسلامي في اتجاهات بناءة، ومعالجة المشكلات التي تواجهه مثل: أمن الخليج الفارسي، والصراع العربي ـ الإسرائيلي··· ما لم ننجح في مجابهة هذه التحديات، فإن مهد الحضارة سيغدو قبراً لها.
يؤكد نيكسون أن في العالم الإسلامي حضارة حية تبحث عن هويتها التاريخية، بعد أن تخلص هذا العالم من قيود الاستعمار في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، وانساق في الدهاليز المظلمة للقومية العربية وعدم الانحياز والأصولية الرجعية وها هو في التسعينات يجدد البحث عن مكانة تليق به في هذا العالم· والولايات المتحدة بحاجة ماسة لسياسة فعالة تؤثر في هذا التطور بطرق بناءة·
يرى نيكسون أن أكبر عقبة في طريق تطوير هذه السياسة هي وضع جميع دول العالم الإسلامي في فئة واحدة وينزعج كثيرون من الأمريكيين من الهتافات والشعارات المعادية للغرب في شوارع المدن الإسلامية· ويميلون إلى اعتبار جميع الأمم الإسلامية أعداء لنا ويؤكد نيكسون أن العقيدة الإسلامية تمثل خيطاً من الوحدة يربط سياسات هذه الأمم معاً، ولكنه لا ينسجها في كتلة متناسقة· فسياسات كل دولة في العالم الإسلامي لا علاقة لها بالإسلام ولا بكيفية تفاعل الإسلام في ثقافتها وتقاليدها القومية· هناك شيء من التضامن السياسي بين الأمم الإسلامية· لما غزا الاتحاد السوفياتي أفغانستان، اهتزت علاقات موسكو مع الدول الإسلامية من المغرب إلى إندونيسيا· وبلغت مع بعض الدول مثل العربية السعودية مرحلة الجمود· ولا شك أن هذه الدول تدرك الدعم الأمريكي بلا حدود لإسرائيل، من خلال تزويدها بمليارات الدولارات كمنحة، مثلما تدرك الموقف السلبي الأمريكي من القضية الفلسطينية· ويعد هذا عائقاً رئيسياً لإقامة علاقات أوثق مع جميع الدول الإسلامية·
يعود نيكسون فيؤكد أن الإسلام يقدم نظرة عامة لهذه الأمم عن العالم ولا يقدم لها منبراً سياسياً· والإسلام مثل كل دين عظيم معرض لتفسيرات عديدة تؤيد مقاربات وتوجهات سياسية متباينة· في الغرب باركت المسيحية في فترة من الزمن الأنظمة الملكية التي تؤمن بالحق الإلهي المقدس للملوك، وتقدم الآن مفتاحاً سحرياً للفكر الديمقراطي من خلال الاعتقاد بالكرامة الإنسانية للفرد· والإسلام بدوره قابل لتفسيرات متباينة وللتغيير التطوري· وخير دليل على ذلك أن الخميني وصدام حسين وأنور السادات وضياء الحق قد ادعوا جميعاً، على اختلاف ميولهم واتجاهاتهم السياسية، انتماء أنظمة حكمهم إلى الإسلام·