أنت هنا

قراءة كتاب كائن مؤجل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كائن مؤجل

كائن مؤجل

رواية «كائن مؤجل» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، يعرض الأديب السعودي فهد العتيق في روايته الأولى تجربة إنسانية لبطله خالد، تعيش ذاكرة مشتعلة تتأمل ذكريات طفولته وصباه في عالم قروي يعيش في حارة من بيوت الطين، فيعرف فيها معاني الحب في سن ص

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
عاد إلى الوظيفة الحكومية مرة أخرى، بعد أن تجاوز الكثير من أحلامه، يحضر صباحاً للعمل، يوقع الحضور، يقرأ الصحف، يتحدث مع زملائه، يضحكون، ثم يفكر كيف يخرج من العمل باكراً لكي ينام، أو يقرأ، أو يتابع المسلسلة اليومية·
 
لازالت الأيام تتشابه··
 
عندما مثـّل أول نصّ مسرحي على مسرح الجامعة، صفّق له الأساتذة والزملاء، لكن بعد التخرج، لم يجد خشبة مسرح، وجد مسرحاً عبثياً في تفاصيل حياته اليومية، ولهذا وجد من الأفضل، أن يكون أحد أعضاء هذا العبث، وليس مجرد شاهد·
 
هجر الكتابة بعد تلك الخاطرة الخيالية، بدأت حياته تدريجياً تدخل مناطق أخرى جديدة عليه، إذ تعرف على أصدقاء جدد، وحياة جديدة، وشيئاً فشيئاً بدأ يعيث في حياته فساداً، سفر وسهر على طول الطريق، حتى نزل بهدوء إلى العالم السفلي لهذه المدينة المتحجبة، وتعّرف على عالم الخيال الحقيقي، المليء بوجوه النساء وأنواع الخمور المحلية والمستوردة، أما تلك الأحلام العظيمة، فقد أغلق عليها في غرفة مؤجلة، داخل رأسه·
 
غرفة واسعة تستقبلهم مساء كل يوم حتى نهاية الليل، في إحدى شقق شارع الخزان، غرفة شهدت ركاماً هائلاً من الحكايات التي لا تـُنسى·
 
قال وهو يريد النوم بعد يوم مليء بالآثام: أشعر أني شيء مؤجل·· ثم نام·
 
نام ليوم كامل أخاف أهله، يختنق بريقه، يصحو هلعاً، يشرب كأس ماء ثم يعود للنوم، تملؤه رائحة الغرفة العالقة منذ زمن بالوسادة، بينما ترتفع من رأسه أصوات خافتة تئن متوازية مع أزيز غامض يدور في رأسه فيؤلمه حتى البكاء· أو الموت، مع فقدان خفيف للذاكرة···
 
كان يسأل نفسه وهو يزور هذه الأماكن الجديدة، والمظلمة، والواطئة، ما الذي أتى بي إلى هنا، وفي مساء الغد، ينسى أسئلته، ويذهب لها من جديد، تدوخه السجائر الغامقة اللون التي تخدر رأسه، فيضحك ملء روحه، ويسمع من الجالسين أخبار السياسة، ونتائج مباريات كرة القدم التي يعشقها، دون أن يشاهدها، كما كان يحرص طالباً·
 
ظهر كل خميس، كان يذهب مع أهله إلى الأقارب، يتناولون الغداء، ويعودون في المساء· أحياناً كثيرة لا يذهب معهم، يظل نائماً حتى العصر، يوقظه والده بعد عودته: أنهض يا عدو الله، ليبدأ الموعد مع عراك طويل، ينتهي بهربه المؤقت من البيت·

الصفحات