رواية «كائن مؤجل» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، يعرض الأديب السعودي فهد العتيق في روايته الأولى تجربة إنسانية لبطله خالد، تعيش ذاكرة مشتعلة تتأمل ذكريات طفولته وصباه في عالم قروي يعيش في حارة من بيوت الطين، فيعرف فيها معاني الحب في سن ص
أنت هنا
قراءة كتاب كائن مؤجل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
قال للطبيب: أختنق بريقي وأنا نائم·· وأحيانا أفقد الذاكرة·
قال الطبيب··· وكأنه جهاز تسجيل:
- في الذاكرة شوارع مثل شوارع المدن التي مررت بها في حياتك، هذه الشوارع لها شبيه في رأسك، وهي في النهاية شوارع الذاكرة، لكنها أحياناً تشبه الشوارع المسدودة·
ثم بحماس:
- حاول استعادة الذاكرة حين تأتيك الحالة، حاول أن تعد من الواحد إلى العشرة، سوف تعود الذاكرة سريعاً، وهذا يعني أن حالتك طبيعية، لكن لا تستسلم ولا تضعف، حاول أن تسجل كل شيء مرّ في حياتك على شكل نقاط مثلاً، لتنشيط الذاكرة·
ثم·· استدعى المريض الآخر··
خرج من العيادة محبطاً، وقد عقد العزم على عدم العودة للاطباء ثانية·
كانت المسافة بين العيادة والبيت غريبة وجديدة، كأن الرياض تحولت إلى شيء آخر، شيء يشبه المنزل الخرساني الصلد الذي سكنوه حديثاً، يسمونه ( فيلا)، شيء كأنه يريد أن يلمس روحه الشرسة، ويقول له: أنا لست أنا، وأنت لست أنت· مساحات عميقة من الصمت في هذه المدينة، بينما العالم يغلي في الخارج، صمت ضاج يمنحك فرصة الإنصات إلى قلبها، هواجسها· أيام متشابهة في هذه المدينة التي لا تعرف هل هي متدينة أم منحلة، مدينة كاتمة صوت، مثل (قدر) مكتوم على وشك الانفجار·
يشعر بغربة عميقة ورغبة في البكاء، بينما الرياض تدور معه، من شارع العليا، إلى شارع مكة، إلى شارع الخزان، مروراً بأحياء الطفولة، حتى حي الشميسي، ثم حي البديعة الجديد الذي احتضن قبل أشهر أحلامهم الجديدة، في بيت واسع وموحش، مشوار كأنه عمر من العيادة للبيت، الآن·· سيارة بجانبه قبل المنعطف الأخير لحارتهم، ترفع صوت موسيقى يعرفها، وامرأة بكامل لبسها الأسود بجانب رجل يدخن ويضحك كأنه يرقص، وهي توميء برأسها فقط، وربما كانت تضحك، وإلى اليمين محل للتسجيلات الإسلامية، التي انتشرت في كل الشوارع، ثم صف من المطاعم والخياطين والبقالات التي لا تنتهي، ثم السوق المركزي الذي بُني حديثاً وصار مكاناً لالتقاء العشاق، وأخيراً هاهو المنعطف الأخير، ثم تتوقف سيارته أمام باب بيتهم مباشرة، نزل فوجد والده يجلس على عتبة باب ( الفيلا ) الجديدة التي سكنوها حديثاً·
سأله مباشرة: أين كنت·
قال له: في العمل·