أنت هنا

قراءة كتاب أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

كتاب "أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين"؛ هو مجلد واحد يضم التاريخ الأدبي لهذا البلد بآلمه التي لا تحدّ، وآماله التي لا نهاية لها تقريباً . إنه لعمل مؤثر.. الترتيب الزمني هنا يكشف الكثير عن تاريخ هذا النوع الأدبي..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
يوماً ما في حلب
 
فلاديمير نابوكوف 1944
 
عزيزي ف·
 
من بين أشياء أخرى سأكتبها، أود أن أخبرك أنني أصبحت أخيراً هنا في هذه البلاد التي تغرب فيها الشمس كثيراً· كان من بين أول الأشخاص الذين قابلتهم العجوز الطيب جليب الكسندروفيتش، رأيته يعبر شارع كولومبوس باتجاه المقهى الصغير على الزاوية والذي لن يزوره أحد منا مرة أخرى· يبدو لي بأنه يعتقد أنك بطريقة ما قد خنت أدبنا الوطني· أعطاني عنوانك وهو يهز رأسه الرمادي استهجاناً وكأنك لا تستحق حتى متعة أن تسمع مني·
 
لدي قصة لك لتكتبها، مما يذكرني بالأيام التي كتبنا فيها أول أشعارنا الحماسية، حينما كانت جميع الأشياء حولنا، الوردة، النافذة المضاءة، بركة الماء 000 تنادينا لنكتب لها الأشعار، نعم هذا هو العالم الأفضل نلعب ثم نموت·كانت الأرواح الطنانة للأفعال المستخدمة في اللغة الروسية تعطي معنى لحركات الأشجار أو للجرائد المهملة التي تتطاير وتختلط ثم تهدأ لتعود وتختلط مرة أخرى وتظل تتلاطم بلا نهاية على الحواجز التي تعصف بها الرياح· ولكنني الآن لست بصدد الشعر، لقد أتيت إليك مثل تلك السيدة المتدفقة العواطف في تشيكوف والتي كانت متلهفة لكي تصفها·
 
لقد تزوجت بعد شهر من مغادرتك فرنسا وبضعة أسابيع قبل اجتياح باريس من قبل الألمان اللطيفين ورغم أن باستطاعتي أن أبعث لك وثائق تثبت زواجي إلا أنني متأكد الآن أن زوجتي لم تكن موجودة أبداً ويمكنك أن تطلع على اسمها من أي مصدر آخر ولكن هذا الأمر ليس مهماً إن اسمها وهم معين يمكنني أن أستعيض عن ذكره في الشرح عنها بالتجرد ذاته الذي أشرح فيه شخصية في قصة (إحدى قصصك على وجه الدقة)·
 
كان حب من أول لمسة أكثر منه من أول نظرة فقد قابلتها عدة مرات في السابق دون أن أشعر بأية عواطف تجاهها ولكن في إحدى الليالي حصل أمر غريب بينما كنت معها في منزلها· أمر قالته جعلني أقع على الأرض ضاحكاً وأقبلها برقة على شعرها· وطبعاً نحن نعرف جميعاً تلك الهبَّة العمياء التي يمكن أن يسببها العثور على دمية صغيرة في أرضية منزل مهجور فالجندي المتورط في المعركة لا يسمع شيئاً· الأمر بالنسبة له لا يعدو أن يكون امتداداً وجدانياً بلا صوت ولا حدود لما كان يعتبره في حياته إشعاع ضوء يلمع في ظلمته الداخلية، وللحقيقة أن السبب الذي يجعلنا نفكر بالموت ضمن مفاهيم سماوية هو تلك السماء الزرقاء التي تظلل باريس ليلاً بالأقواس المضيئة على بولفار اكسلمانز والضجيج المتواصل لتلك المناطق المعزولة في الألب والتي تعتبر رمزاً مناسبًا ودائم الوجود لهذا الانفجار الصامت الضخم·
 
ولكن ليس باستطاعتي أن أميزها فهي ستبقى غامضة مثل قصيدتي الأولى تلك القصيدة التي جعلت منها أضحوكة كبرى في كتابك الشهير ليترا تورناي زاييسكي عندما أريد أن أتخيلها، ينجذب فكري نحو تلك الوحمة البنية الصغيرة على ساعدها الناعم الأملس و أركز عليها تماماً كما يركز كاتب على نقطة أو فاصلة في جملة صعبة القراءة· ربما كنت أستطيع تخيل وجهها اليوم فقد كانت قد وضعت كثيراً من المكياج· أحاول أن أتخيل تلك الشفتين الشفافتين الناعمتين ولكني أفشل و أفشل رغم أني ما أزال أشعر بلمستها المراوغة بين الفينه والأخرى تدب في صلب إحساساتي العمياء وفي أحلامي العبقة بالتنهدات، عندما كنا نمسك ببعضنا البعض بدون تعقل وبحرقة قلب ضبابية بحيث لا أعود أتمكن من رؤية لون عينيها بسبب ذلك البريق المنبعث من دموعها التي تطفح حتى تغرق حدقات العيون·

الصفحات