أنت هنا

قراءة كتاب أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين

كتاب "أفضل القصص القصيرة الأمريكية في القرن العشرين"؛ هو مجلد واحد يضم التاريخ الأدبي لهذا البلد بآلمه التي لا تحدّ، وآماله التي لا نهاية لها تقريباً . إنه لعمل مؤثر.. الترتيب الزمني هنا يكشف الكثير عن تاريخ هذا النوع الأدبي..

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 8
كانت سيارة القاضي بانتظاره، وفي طريق عودته من سكويرل هيل أخذ يفكر بعائلة انجلهارت وكان مغتاظاً بعض الشيء فرغم طباعه التي تبدو صارمة إلا أنه كان رجلاً حنوناً يخبئ في داخله مشاعر عميقة، كان شديد الوفاء لأصدقائه القدامى وللعائلات التي كان يعرفها سابقاً، لم يكن يثمن كثيراً صفات النجاح في هذه الأيام ولكنه مع ذلك كان يتمنى النجاح لأصدقائه ويغتاظ عندما يجدهم عكس ذلك، فقد اغتاظ من ألبرت لأنه كان يعلن بفخر واعتزاز أنه أصبح اليوم في الخامسة والخمسين من العمر إذ أنه بدا وكأنه لا يملك شيئاً آخر ليفخر به، كان ألبرت آخر الأحياء من أولاد انجلهارت وجميعهم لم يكن لديهم شيء يفخرون به فقد فارقوا الحياة في وضع أسوأ مما دخلوها كانوا يملكون مصنعاً عامراً للزجاج في أعلى النهر وثروة مريحة ومنزلاً أنيقاً يقع قرب المنتزه في اليجني إضافة إلى مركز رفيع في المجتمع··· ولكن ذلك كله انتهى إلى غير رجعة·
 
كان أوغست انجلهارت رجلاً قوياً يفيض حيوية على الرغم من رأسه الضخم، وكان صديقاً للقاضي هامرسلي وواحداً من أول زبائنه، ولكن أولاده الخمسة باعوا المصنع بعد وفاته وأضاعوا الأموال في مشاريع فردية حمقاء خسروا على أثرها منزلهم الكبير وقد أصبحوا جميعاً اليوم في عداد الأموات ما عدا ألبرت، لقد كان الأجدر بهم أن يكونوا اليوم أحياء يملكون عقارات ومصانع وعائلات ولكنهم بالتأكيد كانت لديهم تلك المسحة الألمانية الشاذة، ومع أن أوغست كان يملك تلك المسحة أيضاً إلا أن ذلك لم يمنعه من الوصول إلى ما كان عليه، ربما كان هناك خطأ في تربيتهم فقد كان أوغست فخوراً بأولاده الأنيقين، ومغروراً بهم لدرجة الإفراط في التساهل معهم، كانوا دائماً يلعبون الكثير من التنس ويحتسون نبيذ الراين الفاخر إلى آخر المطاف من الموسيقى والسخافات الأخرى، إضافة إلى كثرة السفر إلى نيويورك مثل ألبرت هذا ! إنك لو سألت أحدهم ماذا فعل ألبرت الشاب بثروته التي ورثها فسيجيبك ضاحكاً: لقد أنفقها على طريق سكة حديد بنسلفانيا
 
لم يكن القاضي هامرسلي ليرى أن ألبرت يمكنه أن يقوم برأسه فقد كان يعمل في وظيفة متواضعة في مكتب قسيس المقاطعة، وكان يعتمد تماماً على هذه الوظيفة ولا يملك شيئاً آخر سوى منزل صغير رث في الجهة الجنوبية حيث يعيش هو وعمه، كانت المقاطعة تعتني به من أجل أبيه المتوفى والذي كان ضابطاً لامعاً خلال الحرب الأهلية ثم أصبح مواطناً محبوباً قدم الكثير من أجل رفع البطالة عن العمال في المنطقة، ولكن القاضي هامرسلي، كان كلما ورد اسم ألبرت خلال حديثه مع القاضي ميريمان يقول بمرارة لولا أن أصدقاء أبيه ظلوا يتأملون منه شيئاً لما استطاع هذا الفتى أن يعيش، ولعل هذا القول يعتبر ثاني أسوأ قول يمكن أن يقال عن رجل ما من بعد تهمة قلة الشرف·
 
يقع منزل القاضي همرسلي في سكويرل هيل وسط حديقة تعج بأشجار البلوط القديمة وكان يعيش وحيداً مع ابنته الأرملة مارغريت بارمنتر وكان لمارغريت ارتباطات اجتماعية كثيرة ولكنها كانت تحرص دائماً أن تتناول العشاء مع أبيها في المنزل ولعل هذا كان أقصى ما يتطلبه المجتمع من أي علاقات عائلية، كان منزل القاضي مريحاً ومجهزاً تجهيزاً جيداً ولكن على الطراز القديم وخاصة تلك المكتبة التي كان القاضي يعيش فيها تقريباً حين لا يكون في المحكمة أو في السرير·
 
هذه الليلة، عندما نزل القاضي لتناول العشاء، كانت مسز بارمنتر جالسة على المائدة ترتدي ثيابها استعداداً لحفلة ساهرة في الخارج، كانت طويلة وأنيقة، ناعمة وخفيفة الحركة ولكن وجهها كان مثل وجه أبيها يحمل ملامح صارمة وحنونة في نفس الوقت، إلا أنها لم تكن مثله جامدة الطباع، تلك الطباع التي تجعل عضلات وجهه تتقلص بشكل احتجاج عفوي على أي شيء مخالف للأصول أو لآلية الحياة، كانت تتقبل العثرات والحوادث بهدوء، إن لم يكن بلا مبالاة·

الصفحات