لقد عاش بديع الزمان سعيد النورسي ، بعد أن وقف في وجه المادية الطاغية ،حياة قاسية بالمقياس المادي، فلم يتبوأ موقعاً رسمياً في الدولة، وكان ذلك متاحاً له، ولم يعش في أمن في بلده، بل كان يُنفى من مكان إلى آخر، ولم يقض في مكان أكثر من عقد من السنوات بل دون ذلك
أنت هنا
قراءة كتاب بديع الزمان سعيد النورسي ملامح صورة وسيرة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
سعيد النورسي أسيراً
حين وجد الأستاذ سعيد النورسي نفسه مصاباً، والجند الروس من حوله، طلب ممن معه من تلاميذه أن ينسحبوا، وقال: "اتركوني وشأني، فإني لا أسامحكم ، اسعوا لإنقاذ أنفسكم."
ولم يتخل عنه أصحابه الذين كانوا معه، وقالوا: لنستشهد ونحن في خدمتك . وظلوا معه حتى وقعوا في أسر الروس، في ظروف طبيعية صعبة جداً، من برد شديد، وثلج كثيف، وكان الأمر في الشهر ا لثالث سنة 1916م ليلة سقوط بتليس.
وفي الأسر كان مجموعة من الضباط العثمانيين، وكانوا جميعاً في قاعة واحدة ، فكان النورسي يلقي فيهم دروساً إيمانية تثبتهم في الأسر، ومنعه الروس من إلقاء الدروس حيناً ثم سمحوا له بها.
وكان الأستاذ سعيد النورسي عزيزاً أبياً في أسره، لم يعط الدّنيَّة من نفسه، وقد مرت به حادثة تستحق أن تسجل، لأنها تمثل عزة المؤمن في مواجهة صلف الأعداء.
زار معسكر الاعتقال القائد العام لجبهة القفقاس، خال القيصر: نيقولا نيقولا فيتش، ولما مر من أمام الأسرى وقفوا له، وعندما مر من أمام الأستاذ سعيد النورسي لم يتحرك ولم يقف له ، فعاد مرة أخرى فكان كذلك، ، وفعل ذلك مرة ثالثة، ودار بينهما الحوار التالي من خلال مترجم:
- قال القائد: ألم تعرفني؟
- قال الأستاذ النورسي بلى، عرفتك، وذكر اسمه ومنصبه.
- قال القائد: فلم تقصدت إهانتي بعدم القيام لي؟
- فأجاب الأستاذ النورسي: أنا لم أقصد الإهانة، بل فعلت ما تأمرني به عقيدتي .
- فاستفسر القائد عما تأمره به عقيدته.
- فقال: إنني عالم مسلم أحمل في قلبي الإيمان، فالذي يحمل في قلبه الإيمان أفضل ممن لا يحمله. فلو أنني قمت احتراماً لك لكنت إذن قليل الاحترام لعقيدتي، ولهذا لم أقم.
- كان هذا الكلام كبيراً لم يستطيع القائد احتماله.