أنت هنا

قراءة كتاب أبو علي الغالب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أبو علي الغالب

أبو علي الغالب

في رواية "أبو علي الغالب"؛ نرى أن السيطرة عليهم من خلالها لم يغال الأب السيد بذلك الشعور بالظفر حين أىرى كشفت أضواء المصابيح الأمامية لسيارتي التويوتا عن سكان الزقاق الجالسين في عتبات بيوتهم.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
خرجت من الحمام تاركة إيّاه يتفحص أورامه وجروحه. عاد إلى غرفة الجلوس وتمدد على الأريكة مغمضاً عينه السليمة ليتفادى ضوء مصباح النيون المقابل له. لم يكن قد مرّ بخاطره شيء له علاقة بما جرى له في عشية هذا المساء، ربما لأنّ الطنين الذي لا ينقطع عن الدوي في رأسه لا يتيح له أن يفكر بشكل سوي. مع ذلك كان يجتاحه إحساس بالقهر في تلك اللحظات. لم يكن هذا الإحساس غريبا عليه، فقد تعود أن يتجرعه منذ صغره، منذ ضحى ذلك اليوم الذي طرحه خضير أرضاً في ساحة المدرسة وكال له من الرفسات واللكمات ما لا عد لهما. حين بكى أمام أبيه في البيت سارداً له ما جرى له على يدي ورجلي زميله خضير في المدرسة، سمع أولى النصائح من أبيه السيد الذي قال له:
 
- تعلم يا أبا علي الغالب أن لا ترد الضربات إلى من يضربك، ولكن لا تنسَها فالحياة لا تنتهي بنهاية اليوم الذي نلت فيه تلك الضربات، وانتظر يوما آخر لتنكل بذلك الذي ضربك، كن ناعم الملمس مثل أفعى، وإذا كان سمها في أسنانها فإنّ سمَّك يجب أن يكون في عقلك.. هل فهمتني يا أبا علي الغالب؟ اجعل سُمَّك في عقلك.
 
في تلك المرحلة المبكرة من العمر لم يفهم أبو علي الغالب ما الذي عناه أبوه السيد بذلك السم الذي يجب عليه أن يجعله في عقله، لكنه بعد عام من الاستماع إلى ما يقوله له أبوه السيد فهم ماذا كان يعني بذلك السم.. إنّه الأذى.. فهم أنه يجب أن يكون مؤذياً فالناس تتقي شر المؤذي أكثر مما تحترم الطيب والمهذب. هكذا فهم الطفل أبوعلي الغالب أن الطيب المهذب المحب للخير هو مخلوق ضعيف باستطاعة أيٍّ كان أن يسحقه بالأحذية. تنبه إلى زوجته التي تقف إلى جانب الأريكة، سألته:
 
- هل تنام الليلة هنا؟
 
- نعم. جلبت له مخدة وغطاء خفيفاً، وقبل أن تذهب إلى غرفتها طلب منها إطفاء الضوء. 

الصفحات