أنت هنا

قراءة كتاب إنزياحات أخرى

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنزياحات أخرى

إنزياحات أخرى

من خلال كتابه " انزياحات أخرى "  الصادر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان .جاء الكتاب معنونا بـ " نصانيات"، وهو اقتراح شكل وبنيوي جديد ، يطرحه الدكتور محمد الأسدي ، رافعا لغته النثرية إلى أقصى درجات الشعر ، ومخلصا شعريته من روحها لتنـزل على النثر ضيفة رب

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
اتسم نزار بتعذر المحاكاة ، وهذا ما لا يتحقق إلا في المستوى السهل الممتنع من الأداء الشعري ، لقوة التمايز ووضوحه بين الأصل وأية نسخة تحاكيه مهما بلغت من الإتقان والدقة ، بل إن دقة المحاكاة هذه لن تزيد النسخة إلا اضمحلالا وتلاشيا في خضم حضور وسطوع النص الأصل ، وقد استغرق ملياً في استطلاع الأفق العاطفي ، أما الأفق الفكري وحفريات المعرفة فلم تكن واقعة ضمن مساحة اهتمامه يوما ، وكلما حاول ذلك غلبت عليه غنائيته المفرطة وتطامن للتكرار ، فقد أصاب السياب حين وصف شعره بقطعة الحلوى تشعر بطعمها ما دامت في فمك ، ثم سرعان ما يزول أثرها ومذاقها الغني بالسكر ، وكان منصفا حين قال أن الخبز أهم من الحلوى ، على أن ذلك لا يعني قصورا في تجربة نزار ، فقد كان له عالمه الذي به اقتنع ، وبأشيائه اختص ، وبتفاصيله ألمَّ إلمام المبدع الخبير ، وكان واعيا تماما لحدود عالمه ، فلم يدعُ أحدا إلى اتخاذ طريقته في الكتابة منهجاً ، ولا ادّعى إسهاما في ريادة الشعر الجديد ، لقد أدرك نزار أنه وفق إلى نمط كتابي خاص به غير أنه لا يمتلك القدرة على التحول إلى اتجاه ، أو النهوض بدعوة فكرية في فضاء التجريب ، لقد تعامل مع العاطفة بكل أوهامها وأحلامها ، وأعاد إنتاج غرض الغزل ، وحيثما أجلت النظر في أعماله الكاملة شعرت بالمفارقة التي تتمثل في كونه قريبا من الحداثة وبعيدا عنها في آن معاً .
 
***
 
تجلت في أداء صلاح عبد الصبور عبقرية الحضارة المصرية ، ورحلتها الطويلة مع الكتابة ، لقد نطق نصه بالهم الشعبي ومكابدات الرصيف ، مثلما نطق بالثقافة الجديدة والمسار الكتابي الجديد للشعر العربي ، وقد انفتح خطابه الشعري على الخطاب الفلسفي ولم يجثم في المساحة الجمالية للحداثة ـ وهي فضيلة من فضائله ـ كما امتلك أفقاً رحبا في تصوره لحدود النص الشعري وإمكاناته ، فاقتحم بالقصيدة حيزها المسرحي الذي تألقت به لدى الأمم الأخرى ، ففتحوا من خلاله نوافذ رؤيوية مشرَعة على آفاق رحبة لتطلعات النص الشعري ، وقد تفوق على شوقي هو ومواطنه المبدع عبد الرحمن الشرقاوي عبر مسرحهما الشعري المؤسس لهذا الأفق من الإبداع ، وإذا كان لشوقي فضيلة لا تدفع في التأسيس لمسرحة الخطاب الشعري ، فإن عبد الصبور والشرقاوي قد واصلا تلك المغامرة بجدارة ، وأضافا إليها الكثير ، وإن لم يبلغ المسرح الشعري العربي حتى الآن ما يمنحه استقلاليته في المنظور العالمي .

الصفحات