"هزائم المنتصرين السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق"؛ للكاتب إبراهيم نصر الله، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منه:
أنت هنا
قراءة كتاب هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
الصفحة رقم: 2
.ذات مرة دخلت إلى سينما عمّان، ورأيت فيلماً لنورمان ويزدم، ضحكتُ يومها كشخص يكتشف الضحك للمرة الأولى، وحين انتهت حفلة الساعة العاشرة والنصف قرب الثالثة من بعد الظهر، صعدتُ عشرين درجة أو أقل لأرى فيلمه الثاني المعروض في سينما بسمان، لم أكن قد ضحكت من قبل بمثل هذا الانطلاق في أي عمل رأيته، سوى في فيلم (حلوة وشقية) لمحمد عوض وسعاد حسني!
.وقوعنا في حب ممثل أو ممثلة، كان يكفي كي نلاحق (أعماله الكاملة) من صالة إلى أخرى، حتى نراها كلها، وحين ننتهي نذهب مضطرين للبحث عن نجم أو نجمة أخرى وعيننا لم تزل تتلفت بحسرة نحو نجمنا الأول، لأننا لا نملك بذخ إعادة مشاهدة مجموعته الكاملة·
.لكن ذلك، لم يمنعنا من أن ندخل السينما لمشاهدة فيلم بعينه مرات متكررة، ليكون ذلك الفيلم بالتالي هو فيلمنا الخاص جدا، كما هم أهلنا، أخوة وأخوات، أب وأم·· وقد كنا نصاب في الصميم، حين يردد أحدنا ثملا بفتنة الزهو، أنه حضر فيلما ما عشر مرات أو عشرين مرة·· أي أكثر منا!
.وكان علي أن أعيش سبعة عشر عاما، قبل أن أفكر بدخول فيلم واحد بتذكرة واحدة، يا للتبذير!!
.إنه واحد من أفلام صوفيا لورين ومارسيليو ماستورياني عرضته سينما الخيام، ومهَّدت له بحملة إعلانية، لم نكن تعوّدنا رؤيتها، فانهارت تدابير وأسس مشاهدة الأفلام أمامها، وإن لم يكن بسهولة، في تلك الأيام التي لم يكن فيها التلفزيون قد سلب السينما جلالها، ولا الزمان قد سلب صوفيا لورين سحرها·
.لكن السينما التي حلَّقتْ بنا في عالم الخيال بعيداً، مع ما يتسلل لنا من أفلام رومي شنايدر ونتالي وود وراكيل والش والفاتنة الإيطالية السمراء كلوديا كاردينالي، ومع ليفان كليف ـ كم أحببتُ فيلمه غضبة السماء ـ والشرير الأزلي سانشو بانزا، وبالطبع كلينت إيستوود؛ لم تكن هذه السينما تنسى أن تذكرنا بين حين وآخر بظلال تشبهنا، فتقدم لنا: جميلة بوحيرد، غيفارا، في بيتنا رجل، وتبالغ في رسم صورة الشرير الأعظم محمود المليجي وذراعه الأيمن توفيق الدقن، إلى تلك الدرجة التي ستدفع بنا لابتكار ميتات خاصة له، لهما· لكن ثمة صورة هي الأجمل حتى اليوم، والأعمق تسكن خيالي، صورة جوليانو جيما في أحد أدواره النادرة بعيداً عن أفلام الكاوبوي، وقد شاهدت ذلك الفيلم في سينما الحمراء، حيث يلعب فيه دور ثائر يُلقى عليه القبض، ولكي لا يستطيع الفرار أبدا تُنتزع عنه ملابسه كلها، ويُلقى به في زنزانة قاتلة، في وقت ليس فيه حول السجن سوى صحراء ثلجية بلا حدود·