أنت هنا

قراءة كتاب هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

"هزائم المنتصرين السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق"؛ للكاتب إبراهيم نصر الله، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
.حتى اليوم لا تفارقني صورته تلك، صورة الرجل الذي يعدو فوق الثلوج عاريا، بعد أن غافل حرسه الذين كانوا على يقين أن قسوة الثلج في الخارج يمكن أن تطفيء نداء الحرية الحار في داخله··
 
.فيما بعد شاهدت (فراشة) هنري شارير، من بطولة داستن هوفمان وستيف ماكوين، ورأيت جان فالجان في (بؤساء) فيكتور هيجو، وبين فراشة شارير وبؤساء هيجو أكثر من خيط، خاصة ذلك الجوهر الأهم: الإصرار على تكرار محاولات الخروج للحرية، حد التطابق؛ لكنني لم أستطع بعدُ الخروجَ من تلك الصورة القديمة لجوليانوجيما العاري على الثلج، وخلفه الكلاب نابحةً والرشاشات··
 
.لو تم تظهير الأفلام التي في الداخل هنا، لتم اكتشاف كثير من الأفلام التي قيل أنها باتت مفقودة الآن، ولتم استخراج أرشيف سينمائي لا مثيل له··
 
.على أي حال، ليس بعيداً أن يحدث ذلك في المستقبل، ليس بعيداً أن يتم استنساخ ذاكرة العين وسيرتها··
 
.في تلك الأيام، كان حب السينما مُنزَّه عن أي ضرورة حياتية، وفي زمن ليس فيه أي بطل، كان يمكن لفريد شوقي أن يلعب هذا الدور، وفي زمن مائع لا تشير فيه أي بوصلة لعدو، كان يمكن لمحمود المليجي أن يكون ذلك العدو، يخفف عنه الحِمْلَ أحيانا صلاح نظمي، زكي رستم، و·· توفيق الدقن بالطبع··
 
.لا أدّعي أنني ذهبت يوماً لمشاهدة فيلم مدفوعا بهدف ما سوى أنه سينما، ولذا كان يمكن أحيانا أن أشاهد كل أفلام دور السينما التي تعرض فيلمين بتذكرة واحدة قبل أن تُغيِّرَ أي منها أفلامها المعروضة، وكان ذلك يُحدث ارتباكا عظيماً في الحياة، كما لو أن فراغا دستوريا قد حدث، إنه مرحلة من مراحل انعدام الوزن التي كنا نحسها، ولم نتعرف على اسمها بهذا الوضوح إلا بعد أن امتطى الأمريكان أفق العالم، حين حطوا على القمر·
 
.كالنار، شاهدنا كل شيء، النار التي لا تفرق بين ديوان المتنبي وأي كتاب للأبراج· ولم يكن باستطاعتنا أن نزن ما نراه بأي ميزان، نلتهم فقط، ونجري بين عتمة وأخرى قبل أن يبدأ الفيلم، فقد كان أكثر ما ينغص الحياة أن تدخل والفيلم قد بدأ، ولم يزل هذا الإحساس قويا حتى اليوم·
 
.في السنوات الأخيرة أُصبت بهذه اللعنة، مرتين، في فيلم واحد، هو (الغرينغو العجوز) المأخوذ عن رواية كارلوس فوينتس، فحين ذهبت لمشاهدته في سينما فيلادلفيا، وجدته قد بدأ، وحين عرفت أنه سيعرض في التلفزيون، قررت تسجيله، ولكنني اكتشفت أنه كان قد بدأ أيضاً، فظلتْ مشاهدتي له مجروحة، تأمل الشفاء··

الصفحات