"هزائم المنتصرين السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق"؛ للكاتب إبراهيم نصر الله، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منه:
أنت هنا
قراءة كتاب هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
الصفحة رقم: 8
.هل كانت السينما تصوغ وعينا تلك الأيام؟
.أعتقد بأن الإجابة: نعم، وإن كان الوعي الذي اكتسبناه وعيين متناقضين، الجانب الإيجابي منه، ذاك الذي مثلته أفلام مهمة، أحسسنا بها، وكان يلزمنا الكثير من الزمن كي نفهمها، وهي أفلام عربية عموما، فثلاثية نجيب محفوظ على الشاشة حفرت عميقاً، وكذلك الأمر بالنسبة للناصر صلاح الدين، وبعض الأفلام التي سبق وأن ذكرتُ من قبل، ولعل السينما الرومانسية قد رققتْ مشاعرَنا تجاه الحياة والبشر في ذلك الواقع القاسي، فأدوار عبد الحليم مثلا كانت تحمل في عمقها باستمرار أصالة الشاب الفقير الصادق الذي يستطيع شق الطريق بإرادته الصلبة أحياناً، والمنهَكة أحيانا أخرى، كي يثبتَ أنه يستحق الحياة فوق الأرض لا تحتها؛ كان ثمة قيم تتصارع بين الفقر والغنى، بين الطيبة والقسوة، بين الحلم والواقع القاسي·· وكنا نتأثر بذلك كثيراً·
.وعلى الجانب الآخر، كان ثمة وعيٌ مضاد، يتسلل إلينا عبر ما تقدمه السينما من أفلام حول الهنود الحمر، وكيف كنا نهلل فرحاً كلما استطاع الرجل الأبيض النجاة منهم أو قتلهم، خاصة وأن أبطال الأفلام الذين نحبهم دائما من الرجال البيض!! كما أن الأفلام العنصرية عن سكان أفريقيا والهند مثلاً، كانت تتغلغل فينا كما يريد أصحاب تلك الأفلام، وظل طرزان بطلا مطلقا في غابة القرود والنمور والغزلان، دون أن يخطر ببالنا لحظة: ولماذا لم يَضِِعْ في الغابة سوى هذا الولد الأبيض، أليس ثمة أولاد سود يسكنون هناك، ويضيعون مثلما كنا نضيع ويضيع أخوتنا وأخواتنا، فعلا، في أزقة المخيمات؟ وليصبح بالتالي هو ملك الغابة، لا هذه الملك المستورد·
.حين كنت أشاهد النسخة الجديدة من طرزان (نسخة الكرتون) سألني ابني (8 سنوات): لقد كبُرَ بما فيه الكفاية، فلماذا لا ينبت له شارب ولحية؟!!
.قلت: هذا سؤال فاتنا أن نسأله أيضا؟!!
.وهكذا، كان يلزمنا أن يدخل الأمريكان حربا في فيتنام كي نحدد موقفاً مغايراً، ولأول مرة، من الرجل الأبيض· ولم يكن هذا الوعي، وليد نتائج تراكمت عبر مشاهدة مئات الأفلام، بل بسبب ظهور مناخ جديد للوعي مع ظهور المقاومة الفلسطينية·