"هزائم المنتصرين السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق"؛ للكاتب إبراهيم نصر الله، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منه:
أنت هنا
قراءة كتاب هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق
الصفحة رقم: 9
.راحت رياح أوائل السبعينات تعصف بكل شيء، وتشككنا في مصيرنا الإنساني على نحو مُفزع، ولذا فإن ثمار الوعي الحقيقية تفتحت في تلك الفترة، لكن الذات الخارجة من المأساة بنجاتها، حملت في داخلها بذور الوجود وبذور التلاشي، مختلطة على نحو يجعل الفصل بين هذه البذور المتصارعة مستحيلا· ولعل السينما في هذه الفترة لعبت الدور الأهم، إذ قامت بتفريغ شحنات هائلة من القلق والخوف من العالم ومن النفس أيضاً، ونحن نحث الخطى، وتحثنا، نحو امتحانات الثانوية العامة·
.ما حدث كان غريباً: دراسة طوال الليل تحت أضواء شارع (مادبا)، ومثلها بعد صلاة الصبح في أحراش مستشفى البشير، أما النهار فكان لاداء الامتحانات ولحضور السينما!!
.بعد كل امتحان أنهيه، أذهب للسينما، وبشكل يومي، حتى انتهت الامتحانات، ولقد كنت مطمئناً، وأنا أطفئ القلق حول النتيجة المتوقعة بالسينما، لأواصل التحضير للامتحان التالي كما لو أنه الأول·
.بعد أسابيع، ظهرت النتائج، وظهرت أسماؤنا في الصحف لأول مرة في الحياة!! باعتبارنا ناجحين، وكان أفضل احتفال يمكن أن يقام بهذه المناسبة هو مشاهدة فيلم بالتأكيد· أما المهنئون الذين تقاطروا على البيت فلهم أن ينتظروا!
.ظلت العلاقة بالسينما قوية خلال السبعينات، ودخلتُ سينما (الرينبو) لأول مرة، لأسباب غير سينمائية، إذ لا أتذكر الأفلام التي حضرتها تلك الفترة، فقد كانت السينما بمثابة خلوة عاطفية قلقة مهددة دائما بعين كشاف يقظة تدور بين المقاعد باحثة عن أي حركة مشبوهة تصدر عن شاب وفتاته، ولم يكن يقلل من خطر المباغتة اختيار الصف الأخير حيث من المفترض أن وراءهما حائطاَ يحمي ظهريهما!!!
.بسرعة انتهت تلك الفترة، ما أن غادرت إلى المملكة العربية السعودية مُدرَّساً، وطوال عامين هناك، لم أظفر بمشاهدة السينما سوى مرة واحدة، حين قطعتُ الطريقَ من (القنفذة) حتى (جيزان) في أقصى الجنوب (حوالي 005 كم)، عابرا مناطق موحشة وخطرة، من بينها الامتداد المرعب لـ (شِعاب الجوع) ـ هذا هو اسمها فعلا ـ قبل أن أصل إلى أول شارع معبد يبعد مئات الكيلو مترات، ثم السير عليه بصعوبة وسط العواصف الرملية فوق دراجة نارية صغيرة من نوع (ياماها)