أنت هنا

قراءة كتاب هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

هزائم المنتصرين - السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق

"هزائم المنتصرين السينما بين حرية الإبداع ومنطق السوق"؛ للكاتب إبراهيم نصر الله، الصادر عام 2000 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر؛ نقرأ منه:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5
.لكن ما يقال هنا أيضاً، هو طريقة اختيارنا للأفلام في ذلك الزمان، إذ بإمكاننا اليوم مثلا، أن نفتح صفحات الجريدة ونبحث عن إعلانات العروض، أو يبحث البعض عن موقع الدار على شبكة الإنترنت!! وهكذا يمضي مطمئنا لخياره، في حين، كان يجب أن نكون في وسط المدينة حوالي التاسعة صباحا إذا أردنا حضور حفلة العاشرة والنصف، لا لشيء، إلا لأن علينا أن نعرف ما يُعرض في (الدور) كلها، حتى لا نقع في تسرُّع يجعلنا نندم؛ وهكذا، كان لا بد من جرد للأفلام، ولحسن الحظ، أن عمّان ليست بسعة القاهرة، فدور العرض، على تباعدها تظل قريبة، ففي شارع الملك طلال بتفرعاته، يمكن إلقاء نظرة على أفلام سينما الكواكب، الحمراء، البتراء، ودنيا، رغم أن (الأخيرة) لم تكن من دور السينما المفضلة، لسببين: الأول لأنها الأكثر ضآلة، والثاني لأنها بؤرة لكثيرين من أصحاب المشاكل، وقد كان الدخول إليها مغامرة يفرض الواقع علينا تجنبها، في زمان أسوأ ما يمكن أن يقوم به الفتى إيقاعَ أهله في مشكلة، فما بالك إذا كانت هذه المشكلة قد حدثت في السينما؟!!
 
.أما بقية دور السينما، فكانت سينما فلسطين وسينما الحسين ـ وما زالتا ـ في مبنى واحد تقريبا، نشاهد أفلام الأولى ونتطلع إلى مشاهدة أفلام الثانية، بعد انتهاء عرضها فيها، لأن سينما الحسين من ذوات الفيلم الواحد، وعلى مبعدة من الاثنتين، سينما زهران، وسينما ستوديو زهران، وبين الأولى والثانية مسافة لا يستطيع أمثالنا قطعها، رغم أن الدخول إليهما يتم عبر بوابة واحدة· أما سينما الخيام، على سفح جبل اللويبدة، فكان علينا أن نصعد طريقها الصعب، فقط، لمعرفة ما يُعرض فيها، للعلم، لأنها من دور الدرجة الأولى؛ وعلى سفح الجبل المقابل لها، سفح جبل عمان، نصعد درجا طويلا لمشاهدة مناظر الأفلام المعروضة في ستوديو الرينبو· أما السينما التي لم نملك يوماً جرأة الوصول إليها فهي سينما الرينبو، إنها في قلب جبل عمان، الحي الذي (كانت) تضرب بغناه الأمثال·
 
.كان ثمة رهبة حقيقية تنتابنا أمام دور عرض الدرجة الأولى، فهذه للعائلات، وحين أقول العائلات، فإن ذلك يعني توصيفاً طبقياً لا توصيفا يُرَدُّ في النهاية إلى دائرة الأحوال المدنية، خاصة في أعين هؤلاء الفتية الذين يأتون من ضواحي العاصمة إلى منتصفها مشياً على الأقدام كي يوفروا ثمن تذكرة الحافلة·
 
.بعد رحلة الاستكشاف هذه، يمكن أن يقرر الفتى أي فيلمين سيحضر، وفي الغالب، يمضي مضطراً، ومسرعاً، إلى دار عرض بعينها، وعينه مُعلَّقة بفيلم آخر يعرض في دار أخرى، لأن كل الأفلام تُحَبّ! لكن الوصول إلى قرار، يقتضي إجراء معادلات كثيرة، كي لا تكون الخسارة فادحة، ففي سينما الحمراء ثمة فيلم لفريد الأطرش مع فاتن حمامة، مع فيلم آخر تمتْ مشاهدته من قبل ليول براينر، في حين أن سينما البتراء تعرض فيلما لعبد الحليم مع برلنتي عبد الحميد، ولأننا نحب فاتن حمامة أكثر من الثانية، فإننا نبيع عبد الحليم ـ مؤقتا ـ من أجل عيني فاتن حمامة، لا من أجل عينيّ فريد الأطرش· ورغم هذا، تظلُّ صوابية القرار، أو عدمها، تلاحقنا، في العتمة وما بعدها، خاصة إذا لم ينل الفيلم كامل رضانا·

الصفحات