أنت هنا

قراءة كتاب رحلات جان دي تيفينو في الأناضول والعراق والخليج العربي (1665-1664)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
رحلات جان دي تيفينو في الأناضول والعراق والخليج العربي (1665-1664)

رحلات جان دي تيفينو في الأناضول والعراق والخليج العربي (1665-1664)

تعدُّ رحلة جان دي تيفينو، المعنونة رحلة إلى الشرق (1663-1667)، من أهم الرحلات الرحلات الفرنسية إبان النصف الثاني من القرن السابع عشر· وقد دفعتنا الحقائق التاريخية المهمة والمعلومات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية القيّمة والنوادر المتنوعة فيها إلى ترجمة ا

الصفحة رقم: 9
مزار
 
الأربعاء، 2 تموز/ يوليو: غادرنا مع بزوغ فجر اليوم التالي من چيتانلي(19)· وفي نحو الساعة العاشرة صباحًا وصلنا قريةً كبيرةً تدعى مزار(20)، فخيّمنا بالقرب منها· وفي هذا المكان تنتشر الكثير من الغابات، وتحيطه المياه التي تجعله سارّاً للناظرين· ويمكنك هنا أن ترى الشلالات الجميلة التي ورد ذكرها في القصص التسع أو العشر التي قيلت عن الطريقة التي تعمل بها المطاحن المائية· وبدأنا نشعر حينذاك أن الجو حار جدًا ليلاً ونهارًا·
 
نهر الفرات ـ مياه نهر الفرات سائغة جدًا
 
الخميس، 3 تموز/ يوليو: طوينا خيامنا وغادرنا في نحو الساعة الثانية بعد منتصف الليل· ومع بزوغ الفجر مررنا بين أراضٍ مزروعة بالكثير من أشجار التين بصفوف مستقيمة· وفي نحو الساعة السابعة مررنا بين رابيتين، شاهدنا على اليمنى منهما مبنىً يشبه الهرم· وبعد نصف ساعة وصلنا إلى ضفاف نهر الفرات، الذي لا يبدو أكبر من نهر السين، ولكنهم يقولون إنه واسعٌ جدًا في فصل الشتاء· والحقيقة أن قعره يعادل عرضه بمرّتين· وهذا النهر يُدعى فرات ومراد صو، أي ماء الرغبة، لأن خليفة بغداد (كما يقولون)، بعد أن أرسل بطلب كمية قليلة من جميع مياه البلد، وبعد أن تذوّقها، وجد أن مياه نهر الفرات أكثرها استساغة·
 
الرضوانية
 
يجري هذا النهر ببطء شديد، وهو صالحٌ لملاحة القوارب الصغيرة إلى نقطة التقائه بنهر دجلة· ولكن القوارب الكبيرة فقط تذهب من ألبير إلى الرضوانية، وهي قريةٌ تبعد عن ألبير نحو عشرة أيام، يتمُّ فيها تفريغ البضائع، ليتمّ تحميلها على جِمال إلى بغداد، التي لا تبعد سوى بضعة أيام عنها، حيث تنقل عبر مياه نهر دجلة· وهكذا تذهب القوارب المحمّلة بالزجاجيات (التي سأتحدث عنه قريبًا) إلى البصرة· ولأن هذا النهر غير صالح للملاحة، كما يعتقد البعض، فحينما كنتُ في حلب، استأجر الشيخ بندر(21) قاربًا لنقل خمسمئة أو ستمئة صندوق من الزجاجيات عبر نهر الفرات إلى الرضوانية ليتم إرسالها إلى الهند· والسبب في عدم ذهاب القوارب أبعد من الرضوانية هو وجود بعض الصخور في النهر التي تعيق مرورها، ولكن القوارب الأصغر تستطيع تفاديها· ومع ذلك، كان عليّ أن أنتهز تلك الفرصة للذهاب إلى بغداد، ولم أكن أعلم أن تلك القوارب تتوقف لبضعة أيام في بعض الأماكن التي يكون فيها الإبحار أفضل، وأنها تبحر ببطء شديد، إلى جانب أنني لا أستطيع أن أتحرك أقل حركة من القارب دون أن أتعرض للسرقة من العرب، كما لا أستطيع تفادي الحر على ظهره، لعدم وجود ظهر على تلك القوارب· واستغربت لرؤية أن مَن رزموا صناديق الشيخ بندر كدّسوها بطريقة فظّة جدًا، فكسّروا جميع الزجاجيات· ولكنهم أخبروني أن هذا لا يهم، مع أنها تحولت كلها إلى أشلاء، لأن الهنود، رجالاً ونساءً، لا يشترونها إلا للحصول على قطع صغيرة لصنع الخواتم، أو لصنع المرايا التي يشاهدون بها أنفسهم· وذلك الزجاج مطليٌ بالزئبق من جهة واحدة، وهو سلعةٌ رائجةٌ في الهند، ومربحةٌ للتجار·
 
قوارب نهر الفرات
 
عبرنا نهر الفرات بقوارب كبيرة، فيها دفّة تبعد نحو ثلاثة أقدام عن مؤخرة القارب (كما يذكر پيترو ديللا فاليه)(22)· ولا أرى أي داع لتلك الدِفاف سوى التوفير في التكلفة، لأن تكلفة تلك القوارب أقل من تكلفة صنع قوارب كقواربنا، لأن دفّتها ليست سوى ألواح عريضة مسمَّرة متقاطعة إلى نهاية أطرافها، وتثبيتها لا ينفع بشيء كما في قواربنا·
 
ألبير
 
وصلنا إلى شاطئ عند ألبير، وهي مدينة صغيرة تقع في بلاد ما بين النهرين، على جهة النهر، تطلُّ بيوتها على حافة النهر، وتمتد حتى قمة جبل· وقلعتها جميلة جدًا، وتقع على مرتفع أيضًا·
 
وتحيط الأسوارُ هذه المدينة من جميع الجهات، وهي كالبيوت مبنيةٌ من حجارة مربعة صغيرة تمَّ جلبها من جبل مجاور مكوَّن من صخور ناعمة، ولكن ليس بداخلها سوى خرائب·
 
توقفنا على قمة الجبل خارج المدينة، التي وصلناها عند الساعة الثامنة والنصف· وحالما دفعنا الكمرك عن جميع بضائع التجار الكثيرة جدًا، عبرنا النهر·
 
وتقع مقبرة ألبير على الجانب الآخر من النهر، في سوريا· ويقولون إن سبب ذلك أن مخلِّصنا، حينما وصل إلى حدود الفرات، أعطى لرجل منديلاً عليه صورته، ليستطيع أن يمضي ويهدي أهل بلاد الرافدين مباشرةً· ولكن الفضول دفع الرجل لرؤية حقيقة المنديل، وبعد أن فتح المنديل، بعكس أوامر سيدنا، طار إلى بئر· وحينما علم سيدنا بذلك قال إن تلك الأرض لا تصلح لشيء، فلم يذهب إلى أبعد منها· ولذا تراهم لا يدفنون موتاهم هناك· ويعرض آخرون هذه القصة بطريقة أخرى، سأرويها حينما سيأتي الحديث عن أورفا·

الصفحات