في هذا الكتاب يقول الكاتب العراقي عبد الستار ناصر، يتمم كتابي السابق (سوق السراي) أجمع فيه شلّة رائعة من الشعراء والروائيين وكتّاب المذكرات.
أنت هنا
قراءة كتاب باب القشلة - كتابات في الرواية والشعر والمكان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
باب القشلة - كتابات في الرواية والشعر والمكان
الصفحة رقم: 1
مقدمة
بقلم : نويل عبد الأحد
كان أول ما داهم نظري وأنا أفض غلاف المظروف الذي بعث به إلي الصديق الدكتور بسّام فرنجية، شعاعات تتوهج في تراقصها بداكن السواد، أو هكذا خُيِّل إليّ···
فالعين التي امتصت هذا الوهج المتناثرة شظاياها، قد دغدغ ما كان نائماً فيها·· وفي دغدغتها تلك متعة لا أبهى ولا أجمل··
إن للعين رادارها الخاص الذي يعمل بشكل آلي·· في رصد كل ما هو جميل، كما هو الحال بالنسبة للأذن التي يلتقط رادارها حُسن الأصوات وجميل الغناء واللحن·· وهو رادار يختلف عن رادار اللمس أو الذوق··
من هذا المنطلق، فشعرت للتو أن بسّام كان محقاً في أن تظهر رسائل كاتبيها اليه، بالحروف التي خطّتها أناملهم بها، خروجاً عن المألوف·· لا سيما وأنا عين القارىء قد سئمت أحرف المطابع والكومبيوترات المتشابهة أشكالها·· وأنّ ظهور كتاب بخطوط يدوية، له نكهته وطزاجته، كما الخضار والفاكهة المقطوفة على التو ··
وصحيح أن أجمل خطوط هذه الرسائل، هي خطوط نزار قباني، فذلك أن نزار قد احترف مهنة التخطيط في مرحلة شبابه الأولى·· ولكن خطوط كل من الراحلين البياتي والراهب لهما، جمالية خاصة ومميزة، تُمتّع العين المدرّبة على اجتذاب كل ما هو جميل وحسن وغير عادي··
يقول نزار في رسالته 1/10/1995
أنا ممتنّ لك جداً·· جداً·· لأنك حوّلتني من شاعر الى خطّاط· ففجّرت بذلك بداياتي الطفولية في الرسم والخطّ·· ولعلك لا تعرف أنني كنتُ بين الخامسة عشرة والتاسعة عشرة خطاطاً·· أدرس الخطّ العربي على أصوله·· ولذلك فإنّ أقرب ديوان إلى قلبي هو (قصائد متوحشة) الذي كتبته كله بخط يدي·· فأعتبر كل قارىء أنني كتبتُ الديوان له وحده·· وكنتُ سعيداً بهذا الشعور الحميمي·
والخط هو فن كباقي الفنون الأخرى·· وللفن بقاء وخلود·· والفنون جميع الفنون، تتحدّى الموت بديمومتها··· وفي هذا الشأن، أنشد محمود درويش في جداريته، مخاطباً الموت :
هزمتك يا موت الفنون جميعها
هزمتك يا موتُ الأغاني في بلاد الرافدين،
مسلّة المصري، مقبرة الفراعنة،
النقوشس على حجاارة معبدٍ هزمتْك
وانتصرتْ ،
وأفلت من كمائنك الخلود
لكن الكلمة·· والكلمة وحدها، سيدة الفنون الأخرى، لا سيما ما ينطق به الشاعر الأصيل·· والمفكر التأمّلي، والمصلح الاجتماعي الحقيقي··
وكانت للكلمة المبدعة، ولا تزال، سحرها الجاذب، وفعلها الخلاّق في التحوّل··