أنت هنا

قراءة كتاب الحرب العالمية الثانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرب العالمية الثانية

الحرب العالمية الثانية

كتاب "الحرب العالمية الثانية" للكاتب د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 1

المقدمة

أزهقت الحرب العالمية الثانية أرواحا كثيرة، وخربت كثيرا من الثروات، وربما كان لها من النتائج أكثر مما فعلته أية حرب أخرى في التاريخ، لقد أتت على نهاية غربي أوروبا مركز القوة العالمية، وأدت إلى ظهور الاتحاد السوفييتي (السابق) كقوة عالمية كبرى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا التي هزمت أخيرا في هذه الحرب، وشهدت انتعاشا اقتصاديا مثيرا بعد ذلك.
لقد جلبت الحرب تقنيات جديدة كان من شأنها أن تغير من العالم، وكان تطوير القنبلة الذرية خلال الحرب إيذانا ببدء عصر الذرة.
لن يعرف أبدا العدد الحقيقي للقتلى من جراء الحرب العالمية الثانية، فربما يقترب عدد العسكريين منهم إلى نحو 17 مليونا، أما القتلى المدنيون فقد كانوا أكثر، وذلك نتيجة المجاعة والغارات والقنابل والمذابح والأوبئة والأسباب الأخرى المرتبطة بالحرب، وقد اتلف القصف كثيرا من الوثائق التي كانت ستساعد في تقدير أعداد القتلى، بالإضافة إلى موت كثير من الناس في حرائق وأمراض وأسباب أخرى بعد قيامهم بخدمات ضرورية مثل إطفاء الحرائق والإسعافات في المناطق التي دمرتها الحرب، وعانى الاتحاد السوفييتي والصين أعلى نسب من ضحايا الحرب العالمية الثانية، ويمكن القول إن 20 مليونا من المدنيين في الاتحاد السوفييتي و 10 ملايين في الصين قد ماتوا، وحدثت الكثير من الوفيات بسبب الجوع.
وامتدت أرض المعركة إلى كل جزء من العالم تقريبا. لقد حاربت القوات العسكرية في أدغال موحلة في جنوب شرق آسيا وفي صحارى شمال إفريقيا، وفي جزر المحيط الهادي، وأديرت معارك في مناطق متجمدة من الاتحاد السوفييتي، على سطح الماء وتحته في المحيط الأطلسي وفي شوارع كثيرة من المدن الأوروبية.
وقد عمل في صفوف كل من دول المحور والحلفاء ما يقدر بحوالي 70 مليون شخص، وفقد الاتحاد السوفييتي حوالي 7.5 مليون قتيل في المعارك وهذا العدد أكثر مما فقده أي قطر آخر. وكان ضحايا القتال في الولايات المتحدة وبريطانيا اقل من أي دولة أخرى، فقد قتل حوالي 400 ألف أمريكي و350 ألف بريطاني في هذه الحرب، وحوالي 3.5 مليون من الجنود الألمان وحوالي مليون وربع المليون جندي ياباني، أما القذف الجوي فقد جر الخراب على أهداف مدنية وعسكرية على السواء، وترك كثيرا من المدن مدمرة تماما وبخاصة في ألمانيا واليابان، فقد خربت القنابل المنازل والمصانع ومعدات النقل ووسائل المواصلات، ونشرت المعارك البرية الخراب فوق مناطق شاسعة، وبعد الحرب تشرد ملايين من الجياع والذين لا مأوى لهم في المناطق الخربة.
وقد نشبت صراعات قوى جديدة بعد انتهاء الحرب، فقد أنهكت الحرب القوى الرئيسية التي كانت في أوروبا وآسيا قبل الحرب، انتهت الحرب بهزيمة كاملة لألمانيا واليابان، وأصيبت بريطانيا وفرنسا بخسارة شديدة، وبحثت الأمم الناشئة مثل الدول العربية والهند وغيرها عن الاستقلال عن مستعمريها. وخرجت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي من الحرب كقوى قائدة عالمية، وانتهى تحالفهما بمجرد أن سعى الاتحاد السوفييتي لنشر الشيوعية في أوروبا وآسيا، وأدى الصراع بين العالم الشيوعي الذي يقوده الاتحاد السوفييتي وغير الشيوعي الذي تقوده الولايات المتحدة لما يعرف باسم الحرب الباردة.
كما بدأ حينذاك العصر النووي، وذلك بتطوير القنبلة الذرية أثناء الحرب العالمية الثانية، واعتقد كثير من الناس أن الأسلحة القادرة على إحداث دمار كبير تجعل التفكير في حرب في المستقبل أمرا مستحيلا، وكانوا يأملون أن يعيش الناس بسلام، لكن سرعان ما بدأ سباق تطوير أسلحة أكثر قوة، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية عرفت الولايات المتحدة كيف تنشئ أسلحة ذرية، وفي سنة 1946م اقترحت الولايات المتحدة إنشاء وكالة دولية للسيطرة على الطاقة الذرية ومنع إنتاج أسلحة نووية، ولكن الاتحاد السوفييتي رفض إقامة نظام للتفتيش، وفشل الاقتراح، وأمر ستالين العلماء أن يطوروا القنبلة الذرية، ونجحوا في ذلك سنة 1949م، وفي أوائل الخمسينيات أجرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تجارب على أسلحة أكثر دمارا، تلك هي القنبلة الهيدروجينية.
وخاف الناس من قيام حرب نووية منذ بدأ العصر النووي، وفي بعض الأوقات كانت الحرب الباردة تهدد بالانغماس في حرب بين القوتين العظميتين، لكن القوة التدميرية المخيفة للأسلحة النووية ربما كانت كفيلة بان تحول بينهما وبين المجازفة بحرب كبرى. وربما يكون هذا هو السبب الأساس في ظهور ما يسمى بالحرب بالنيابة بحيث أصبح العالم يعيش حالة حرب عالمية دائمة وغير معلنة يقاتل كل من يقاتل نيابة عن قوة عظمى تقف خلفه وتمده بما يحتاج إليه ليديم وقود ناره وحربه المشتعلة. بل إننا لا نبالغ كثيرا إذا ما قلنا إن هذه الحرب الباردة هي التي أدت إلى اعتماد وسائل جديدة من قبل كل من المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي) اللذين كانا يتناحران حتى وصلا إلى النهاية المحتومة وهي أن يتغلب أحدهما على الآخر، فكانت الهزيمة من نصيب المعسكر الاشتراكي الشيوعي، ما أدى إلى انفراد القوة الأمريكية كراعية لمصالح المعسكر الرأسمالي، وتبعه ظهر ما يسمى اليوم بالعالم أحادي القطبية، والذي لعبت فيه الولايات المتحدة الأميركية دورا قبيحا تمثل في محاولة تسيير العالم كله وفق مصالحها وأهوائها التي هي في النهاية مصالح استعمارية خالصة.
عيسى الحسن

الصفحات