أنت هنا

قراءة كتاب الحرب العالمية الثانية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الحرب العالمية الثانية

الحرب العالمية الثانية

كتاب "الحرب العالمية الثانية" للكاتب د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

ورغم التحذيرات المبكرة، لم يكن يرافق السفن البريطانية، عندما اندلعت الحرب، أي سلاح بحري للحماية.. وكانت النتيجة أن خسرت بريطانيا 75 بالمائة من أسطولها التجاري وأربعين ألف بحري، قبل أن تتمكن من إعادة دفة الحرب إلى جانبها عام 1943.
ونعود إلى ألمانيا، فنجد أن هتلر قد اتخذ خطوة معادية للمرابين الدوليين، وذلك بإعلانه للسياسة الاقتصادية المستقلة، وللإصلاح المالي. وطلب من كل من اليابان وإيطاليا وأسبانيا أن تدعمه في تحديه لقوى الكارتل والاحتكارات التي كان يديرها الممولون الدوليون، وخصوا البنك الدولي الذي كان آخر نتاج لعقوبتهم المدبرة. ونفذ الرايخ خطوته بالتخلص من الدكتور هانس مدير بنك الرايخ وعميل المرابين العالميين. وقبل أن يقوم هتلر بهذه الخطوة الجريئة، لم يكن أحد ليستطيع أن يحرك الدكتور هانس من منصبه، إلا إذا وافق هو على ذلك ووافق أعضاء البنك الدولي بالإجماع.
وكان الممولون الدوليون قد أنشأوا منذ الحرب العالمية الأولى ستة وعشرين بنكا مركزيا، على غرار البنوك الاحتياطية الفيدرالية التي أنشئت عام 1913 بإشراف وتوجيه المستر بول واربورغ، الذي جاء إلى أميركا عام 1907 ثم أصبح شريكا في مؤسسة كوهن - لوب وشركائهم في نيويورك.
وكانت نظرية واربورغ تقضي بإنشاء «تنظيم مصرفي مركزي» ترجع إليه جميع السلطات على هذه البسيطة. ومن هنا، كان هتلر يدرك أنه إذا استطاع واربورغ وأصحابه إنشاء البنك الدولي، فإنهم سيتمكنون من إنشاء بيروقراطية تتمكن من التدخل في جميع القضايا العالمية، تماما كما يتدخل بنك انكلترا في شؤونها الداخلية وسياستها الخارجية.
وفي معرض حديثنا عن الحركة الاقتصادية في تلك المرحلة من التاريخ، سننقل ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي ثيودرو ولسن عام 1916، أي بعد ثلاث سنوات من بدء العمل بنظام بنوك الاحتياط الفيدرالية التي نظمها الصهيوني واربورغ. يقول ولسن في حديثه عن الوضع الاقتصادي الأميركي: «تسيطر على أمتنا الصناعية - كما هي الحال في جميع الدول الصناعية الكبرى - أنظمة التسليف والقروض.. ويرجع مصدر هذه القروض إلى فئة قليلة من الناس، تسيطر بالتالي على نماء الأمة، وتكون هي الفئة الحاكمة في البلاد.. ولهذا لم تعد الحكومات - حتى أشدها سيطرة وتنظيما وتحضرا - تعبر عن رأي الأكثرية التي تنتخبها، ولكنها في الحقيقة تعبر عن رأي ومصالح الفئة القليلة المسيطرة».
وهذه هي حقيقة ما يسميه العالم المتحضر اليوم بالديمقراطية..ويشارك الرئيس الأمريكي روزفلت رأي الرئيس ولسن، وذلك بما جاء على لسانه عندما وقعت الأزمة - أو المأساة - الاقتصادية الكبرى في الثلاثينيات. قال روزفلت يومها: «إن ستين عائلة أمريكية فقط هم الذين يتحكمون باقتصاد الأمة.. ويعاني ثلث الشعب الأمريكي من سوء المسكن والمأكل والملبس».. وقال أيضا: «إن عشرين بالمائة من العاملين في مشاريع W. P. A. هم في حالة يرثي لها من سوء التغذية، حتى أنهم لا يستطيعون العمل اليومي بكامله.. وإني مصمم على إخراج رجال المصارف من برجهم العاجي».
ولكن روزفلت نفسه ما لبث أن تغير. لقد وجد نفسه يقود بلاده لتحارب نفس الدول التي وافقت على السياسة التي نادي بها عقب انتخابه مباشرة. وبعد عمر طويل قضاه في خدمة الرأسماليين، مات روزفلت في بيت أغنى وأقوى رجل في الولايات المتحدة، برنارد باروخ، الرجل الذي بقي أربعين عاما يسيطر على البلاد من خلف الستار.
وهكذا أصبحت الديمقراطية كلمة يستعملها الحكام لخداع شعوبهم.. فهي تستخدم في البلاد الرأسمالية، حيث يسرح الممولون العالميون ويمرحون، متلاعبين بقيمة العملات فيها، بزيادة السيولة المالية أو إنقاصها حسب مشيئتهم ومصالحهم.. وتصبح الديمقراطية التي تسمي كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة نفسها بها، تعني ارتباط هذه البلدان مع الممولين الدوليين عن طريق الديون والقروض.. ومن جهة ثانية، تسمي البلدان الشيوعية نفسها بلدانا ديمقراطية لأنها تقع تحت سيطرة نفس المجموعة من المرابين والممولين العالميين.
ونرى السير انتوني إيدن يعبر عن رأي الممولين، عندما وجه رسالة إذاعية إلى الشعب الأمريكي في الحادي عشر من أيلول 1939، يقول في أحد مقاطعها: «لقد آن لنا تخليص أوروبا من التعصب والأطماع وسيطرة الأهواء.. ويجب علينا أن نبني حضارتنا الجديدة من خلال عالم متحارب».. إنه العفن الفكري ليس إلا.. وهل الحروب للبناء أم للتدمير؟
ولقد حاول العديد من البريطانيين تجنيب بلادهم وحليفاتها الدخول في حرب ثانية مع ألمانيا.. ولم يتركوا مناسبة منذ عام 1930 إلا وعبروا فيها عن استيائهم من قيام حرب أخرى. ولكنهم كانوا جميعا يُنعتون بأنهم نازيون سود يعملون لمصلحة لوردات الحرب النازيين. ومن البريطانيين الذين أعلنوا عن عدائهم للشيوعية وأيدوا الفاشية، السير اوزويلد موسلي.. وقد قام هو والعديد من رجال السياسة والجنرالات المتقاعدين بجهد صامت وجريء لتحذير أعضاء الحكومة من الوقوع فريسة المؤامرة العالمية.
وكانت الحركة المعادية للسامية قد بدأت في انكلترا منذ عام 1920، عندما عاد مارسدن إلى إنكلترا، وفي حوزته نسخة من الكتاب الذي ألفه البروفيسور سرجي نيلوس عام 1905 بعنوان «الخطر اليهودي».
وفيما كان مارسدن يترجم هذه الوثائق، تلقى تحذيرا بالموت إذا أصر على نشر الكتاب. ولكن مارسدن لم يخف من التحذير، فنشر الكتاب وسماه «بروتوكولات حكماء صهيون». وبعد سنوات قليلة من نشر الكتاب مات مارسدن بالفعل كما جاء في التحذير وبظروف غامضة.
أدى نشر هذا الكتاب إلى ضجة كبرى في إنكلترا، ومن ثم في العالم أجمع. وعمد المرابون العالميون لتفادي هذه الفضيحة الدامغة التي كشفت أمرهم، إلى شن حملة دعائية معاكسة ضد مارسدن، متهمة إياه بالكذب وبعدائه الصريح للسامية.
ومما لا شك فيه أن الوثائق التي وقعت في أيدي البروفيسور نيلوس، كانت إشارات إضافية يمكن الاعتماد عليها في شرح الطريقة التي تم بها تنفيذ المخطط، وكيف تم استخدام الدارونية والماركسية والنيتشية (نسبة إلي نيتشه) منذ عام 1773.
ولا يستطيع قارئ هذه الوثائق ـ مهما كان مصدرها ـ أن ينكر أن تسلسل الأحداث العالمية جاء تعبيرا عن البرنامج الذي اقترحته الوثائق منذ عام 1773.. وسيدهش أكثر من هذا التنبؤ الدقيق الذي لم يخطئ أبدا.
يقول ماكس ناردو في خطابه في المؤتمر الصهيوني السادس الذي عقد في بازل في سويسرا عام 1903: «دعوني أخبركم الكلمات التالية، وكأني أصعد بكم درجات السلم درجة درجة..المؤتمر الصهيوني.. مشروع أوغندا البريطانية..الحرب العالمية المتوقعة.. مؤتمر السلام حيث يتم بمساعدة بريطانيا قيام دولة يهودية حرة في فلسطين».
وقد قرأ العديد من رجال السياسة والصحافة هذه الوثائق، فحملتهم على البحث والتدقيق في القضايا العالمية.. ومن بين هؤلاء اللورد سيدنهام وهنري فورد. وقد قام هذا الأخير بعد قراءة الوثائق بتأليف كتاب قيم. وفي 17 شباط عام 1921 أجرت النيويورك وورلد مقابلة مع السيد هنري فورد، ونقلت عنه ما يلي: «إن أهم شيء أريد أن أقوله عن «البروتوكولات» هو أن ما جاء فيها يتطابق مع ما يجري اليوم..لقد مضى على ظهورها ستة عشر عاما، ومازالت تتوافق مع الوضع الدولي حتى الآن».
وفي نهاية حديثنا عن «بروتوكولات حكماء صهيون»، يجدر بنا أن نذكر علاقة مؤلفة المستر مارسدن بالملك الانكليزي ادوارد الثامن، لما لهذه العلاقة من تأثير على الملك نفسه، وعلى كشف بعض جوانب التآمر الذي حدث في انكلترا في ذلك الوقت.. لقد بقي مارسدن يعمل في جريدة المورننغ بوست من عام 1921 حتى عام 1927، فكسب العديد من الأصدقاء.. ولكنه في نفس الوقت كسب عداوة قوية من قبل المتآمرين.. وفي عام 1927 تم اختياره لمرافقة ولي العهد أمير ويلز في رحلة حول الإمبراطورية. وليس من المعقول أن يترك السيد مارسدن هذه المناسبة دون أن يطلع الأمير على الوثائق وعلى المؤامرات التي يحيكها الممولون الدوليون الذين يخططون للشيوعية والصهيونية معا. وهكذا عاد ولي العهد إلى بريطانيا وقد تغيرا كثيرا، ولم يعد ذلك «الأمير المرح المسرف» بل أصبح رجلا جديا عميق التفكير. إلا إن مارسدن ما إن وصل إلى بريطانيا حتى تغيرت صحته، ثم مات بعد أيام قليلة. وهذا يذكرنا بما حدث لميرابو الذي مات مسموما، بعد أن أطلع الملك لويس على الدوافع الحقيقية للثورة الفرنسية.
كان انقلاب ولي العهد بعد عودته من الرحلة عميقا شاملا، فقد أخذ يهتم بالمشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وأخذ يزور مناجم الفحم ويتحدث مع العمال في بيوتهم، خارجا بذلك عن التقاليد الملكية. ثم أخذ يعارض كل سياسة يعتقد أنها غير صالحة، مبديا رأيه بجرأة في جميع الأمور حتى السياسة الخارجية، متحديا بذلك «القوى الخفية» وخصوصا عندما تم تتويجه في 20 كانون الثاني عام 1936.. وهكذا دخل ادوارد الثامن في صراع عنيف مع المسيرين الحقيقيين للسياسة البريطانية. إلا أنه لم يصمد طويلا، لأن المرابين لم يتركوه لحظة دون أن يشهروا به، وخصوصا بعد مرافقته للمستر مارسدن. فقد صوروه للناس على أنه زير نساء وأنه يميل «لليمين» وأن له علاقة بالسير أوزويلد موزللي المؤيد للحركة الفاشية. ولكن هذا كله لم يؤثر على سيرة الملك الجدية التي كان يعيشها، إلى أن عزم على الزواج من سيدة أمريكية مطلقة تدعى «والي سيمبسون». عندئذ تحركت أجهزة الدعاية اليسارية بكل قواها، مثيرة الرأي العام ضد هذه السيدة، وأصبحت هذه القضية الشغل الشاغل لانكلترا. وهكذا حمل المستر بالدوين أوامر المرابين بشأن تنحية الملك عن عرشه. وكان على الملك اختيار أحد أمرين: إما التخلي عن العرش، أو التخلي عن زواجه من مس سيمبسون، فاختار الحل الذي يحفظ له كرامته ولا يجعله ألعوبة في أيدي خصومه، وتنحى عن العرش.
وبعد تنحي أدوار الثامن عن العرش، قام عدد كبير من المثقفين والمفكرين البريطانيين - بمن فيهم أعضاء البرلمان وقادة الجيش المتقاعدين - بحملة دعائية واسعة، محاولين إقناع الحكومة البريطانية بحقيقة المؤامرة التي يحيكها «المرابون العالميون». ومن بين هؤلاء الكابتن رامزي والأدميرال السير باري دومفيل، اللذين توصلا في عام 1938 إلى أن قادة اليهودية العالمية الذين يتزعمهم رجال المصارف والممولون اليهود العالميون يستعملون الأموال الكثيرة التي في حوزتهم لشراء المراكز الحساسة، بهدف خلق النزاعات بين الأمم، في خطة بعيدة المدى تهدف إلى الإعداد لمجيء مسيح اليهود لتخليصهم، وعندها ستتمكن الحكومة المركزية الموجودة في فلسطين من فرض الحكم الديكتاتوري على جميع شعوب وأمم العالم.
وقد حاول الكابتن رامزي والأدميرال دومفيل جهدهما لمنع توريط بريطانيا في حرب مع ألمانيا، وبذل الكابتن رامزي جهدا كبيرا في سبيل إقناع المستر تشامبرلين ـ رئيس الوزراء البريطاني ـ بالخطر على المصالح البريطانية، إذا حقق المتآمرون الدوليون خطتهم وورطوا بريطانيا في حرب مع ألمانيا. ومع أنه لم يقنع رئيس الوزراء، إلا أنه على الأقل أثر فيه تأثيرا كافيا، جعله يصلح الأمور مع هتلر ويعود من ميونخ وهو يلوح بمظلته المشهورة، وبورقة قال عنها إنها اتفاقية «تضمن السلام في وقتنا هذا».
بعد هذا الإعلان مباشرة، قامت الصحافة التي يسيطر عليها المرابون الدوليون بحملة حاقدة على الفاشية، لاعنة تشامبرلين ومتهمة إياه بأنه «امرأة عجوز تحاول شراء السلام بأي ثمن» وبأنه متضامن مع الفاشية. وفي موسكو أحرق العملاء هناك تمثالا وهميا لتشامبرلين في تظاهرة كبيرة في الساحة العامة. لقد صورت هذه الصحافة، الفاشية الألمانية والإيطالية على أنها عقائد إلحادية سوداء ذات أهداف توتاليتارية مطلقة. وكان القليل من الناس من يفهم الفرق بين النازية والفاشية والشيوعية والاشتراكية.
ومما هو معروف عن بعض التفاصيل التي جرت خلف الستار، أن الكابتن رامزي وعد رئيس الوزراء البريطاني بتسليمه وثيقة تشهد بالمؤامرة على المصالح البريطانية. وكانت هذه الوثيقة عبارة عن رسائل سرية بالشفرة تبودلت بين ونستون تشرشل والرئيس الأميركي روزفلت. ووعد رامزي بإحضار هذه الرسائل ليبرهن له على عزم الممولين العالميين إشعال الحرب العالمية الثانية.

الصفحات