أنت هنا

قراءة كتاب الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

الصـومال ومشكلات الوحدة الوطنية من الممالك القبلية الى المحاكم الاسلامية

تعرض الصومال لأطماع استعمارية من قبل الدول الأوروبية الغربية لما يمتلكه من موقع استراتيجي في منطقة القرن الإفريقي، وإشرافه على طرق الملاحة الدولية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 6

المطلب الثاني : بداية النفوذ الأجنبي في الصومال

من المعروف، أن لعرب شبه الجزيرة العربية، وبالذات العمانيين والحضارمة علاقات تجارية قديمة مع الصوماليين، وأن هذه العلاقات، أخذت بعداً جديداً، بعد ظهور الإسلام وانتشاره في إفريقيا، حيث يعد من عوامل الجذب في هذه المنطقة. وباتساع الفتوحات الإسلامية، وقيام دولة إسلامية كبرى مترامية الأطراف، وفدت إلى الساحل الشرقي لإفريقيا، وبلاد الصومال، مجموعات من دعاة الإسلام، أو من قدموا لأسباب اقتصادية أو سياسية، وبالذات في عهد عبد الملك بن مروان (695-714م)، الذي شهد عهده اضطرابات سياسية واسعة النطاق، مما أدى إلى تركز مجموعات من معارضيه، على امتداد المدن والمراكز الساحلية في الصومال، والجزر المحيطة به، مثل زنجبار، وممباسه، ومقاديشو.... وغيرها، لاعتبارات مناخية وأمنية، وبالتالي اتخذوها قواعد لأنشطتهم المختلفة.
ومن جانب آخر، ازدادت الروابط، بين النازحين الجدد، وبين السكان المحليين مما أدى في نهاية المطاف، إلى اختلاط الفريقين، وظهور كيانات إسلامية على طول سواحل إفريقيا الشرقية.
وبظهور هذه الكيانات، تعززت العلاقات بين منطقتي الخليج العربي وشرق إفريقيا، وتعددت في بعض الأحيان العلاقات التجارية التقليدية إلى درجة التعاون أمام التدخلات الخارجية، وفي النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وصل البرتغاليون إلى شرق إفريقيا، ثم أخذوا يرسلون الحملات إلى المدن الساحلية، بغية الاستيلاء عليها، وأوفدوا لهذا الغرض بعض قوادهم العسكريين إلى المنطقة والذين استطاعوا إخضاع أغلب سواحل إفريقيا والخليج العربي لنفوذهم.
وما كاد القرن السادس عشر ينتهي حتى أخذ الضعف والانهيار يدب في جسم الإمبراطورية البرتغالية، وذلك جراء عوامل عدة من أهمها : دخول البرتغاليين تحت الحكم الإسباني، في عام 1580-1640، والمنافسة الدولية التي تعرضت لها البرتغال في بحار الشرق، مما شجعالقوى المحلية في المنطقة على طرد البرتغاليين، بمساعدة الإنكليز من (هرمز) التي كانت أقوى معاقلهم في الخليج العربي، ونتج عن تلاشي هذه السيطرة على الخليج سيطرة أئمة عمان، على المعاقل البرتغالية، وتقوية أركان دولتهم الناشئة.
وصادف في ذلك الوقت، أن اتجهت ممباسة (في كينيا حالياً)- التي كانت تعاني من ضغط برتغالي–إلى طلب العون من (عمان)، ومن هنا تشجع العمانيون على مواصلة حربهم ضد البرتغاليين، وأرسل الإمام سيف بن سلطان حملة بحرية إلى شرق إفريقيا، والتي استطاعت بمساعدة السكان من طرد البرتغاليين من هذه المناطق، وخاصة ممباسة. إلا أن العمانيين لم يتمكنوا من تأسيس سلطنة على أنقاض الإمبراطورية البرتغالية، وذلك لأسباب من بينها، ضعف مركز سيف بن سلطان في عمان نفسها، واستنفاد جهودهم في صراعهم ضد البرتغاليين، بالإضافة إلى عدم نظرة سكان شرق إفريقيا إلى العمانيين، إلا كمنقذين من قسوة البرتغاليين، لا كأسياد جدد يفرضون سيطرتهم عليهم، ومع هذا احتفظ العمانيون بولاء أهالي جزيرتي (زنجبار وبمبا). ويعد هذا الولاء الأساس لأصل السيادة العمانية على زنجبار، وإن تأخرت تأسيس سلطنتها في زنجبار إلى بداية القرن التاسع عشر ، ويعد عهد هذه السلطنة التي أرسى قواعدها، سعيد بن سلطان، نقطة تحول في تاريخ المنطقة، إذ فتح مؤسسها السواحل الإفريقية والصومالية للأوروبيين وعرفهم عليها بواسطة المعاهدات التي عقدها مع معظم الدول الكبرى وبرعايته لوكلائهم- مقابل الأموال والمبالغ التي كان يتسلمها جراء ذلك-الذين جابوا المنطقة عرضاً وطولاً، ليمهدوا الطريق لحكوماتهم، لهذا كان طبيعياً ، أن تتعرض منطقة شرق أفريقيا بصورة عامة، والصومال بصورة خاصة للأطماع الاستعمارية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. الذي يعد بداية دخول الصومال تحت دائرة النفوذ الاستعماري الأوروبي.

المبحث الثاني : دور الدول الأوروبية في إيجاد المشكلة

لقد عانى الشعب الصومالي الكثير من السياسة الاستعمارية التي ابتليت بها القارة الإفريقية في أواخر القرن التاسع عشر، وهو القرن الذي شهد تمزيق أوصال القارة الإفريقية وتقسيمها بين الدول الاستعمارية الأوروبية ، لاسيما بعد مؤتمر برلين 1884-1885م، وكان من الطبيعي أن يقع الشعب الصومالي ضحية عملية التفتيت التي مارستها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، كل حسب دورها وموقعها على مسرح السياسة الدولية آنذاك، ولم يقف الأمر عند حد هذه الدول بل دخلت الإمبراطورية الأثيوبية الميدان تشجعها في ذلك الدول الأوروبية، بغية المحافظة على مطامعها الاستعمارية في المنطقة.
وفي الربع الأخير من القرن الماضي، بدأت بعض الدول الأوروبية المؤثرة تنشط سياستها الاستعمارية في إفريقيا، وتحت هذه الذرائع وغيرها بدأت تلك الدول الأوروبية تتكالب على منطقة القرن الإفريقي عموماً، والسواحل الصومالية بشكل خاص، كيما تفوز بجزء مهم من المناطق الساحلية لتأسيس تلك الموانئ أو المحطات التجارية عن طريق الاتفاقات الثنائية بينها وبين زعماء القبائل المحلية في المنطقة، وقد تحولت هذه الاتفاقات فيما بعد إلى وثائق سياسية، تخضع بموجبها شعوب هذه المناطق للسيطرة الاستعمارية.
ومما لا شك فيه أن الدول الاستعمارية، عقب غزوها للأراضي الإفريقية واستيلائها على ثرواتها كثيراً ما كانت تقوم بدور مباشر في تمزيق وحدة الشعوب، أو القبائل الإفريقية، ذات الأماني والمصير المشترك، ولم تعر تلك القوى الاستعمارية، أي اعتبار لأهمية الروابط الحضارية والجغرافية والاقتصادية في حياة تلك الشعوب أو القبائل، لتقرير مستقبلها وبناء كيانها السياسي، وكان هدف المستعمرين من تلك المخططات بلورة وتكريس النزاعات المحلية بين الدول المتجاورة، والعمل على تعميق وديمومة صراعاتها الناجمة من المتغيرات الاثنية أو الثقافية أو غيرها وعجزها عن مواجهتها ، وبالتالي الإبقاء على تخلفها وفقرها ، مما يسهل على تلك القوى إحكام السيطرة عليها ونهب خيراتها وربط مصيرها بتلك القوى.
والواقع أن كثيراً من الشعوب والمجتمعات ذات الروابط المشتركة، أصبحت ضحية للمخططات الاستعمارية، فتعرضت للتمزيق والتجزئة، مثلما حدث للشعب الصومالي موضع الدراسة . لذا سوف نتناول في هذا المبحث أدوار بريطانيا وفرنسا وإيطاليا كلاً على انفراد، في تفتيت الوحدة الإقليمية والديموغرافية الصومالية(الصومال الكبير)، وبالتالي غرسها لمشكلة الوحدة الوطنية في الدولة الصومالية والتي مازال يعاني منها الشعب الصومالي إلى الوقت الحاضر.
 

الصفحات