أنت هنا

قراءة كتاب كلام الصمت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كلام الصمت

كلام الصمت

المجموعة القصصية "كلام الصمت"، للكاتب الليبي محمد عياد المغبوب، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2

عند مفترق الطرق ، اتجهتُ يساراً ، كان الكذب يملأ الرصيف ، وفى الناحية الثانية كان الوهم ،والذي يبدو حقيقة ، يغازلان جسد أنثوي ، وكل منهما يستدرجه إليه بكلام معسول ، وكان الجسد يزداد بالفتنة اكتظاظا.
لابد أن شهوة الغواية ، ستشعل الحريق في الأرجاء فلا فائدة تُرتجيَ هنا.
قريب ستخرج السنة العراك مولولة ، والأنياب ستنغرز سمها في المكان.
- إنها الحرب بين ضفتي الطريق .
- هذا طريق الهلاك إرجع .
رجعتُ عند النقطة الأولى ، ذات المفترق ، جرحى بالكي قد أندمل
- لا بأس هذا أول حصاد للموسم .
بالرغم من أن قدمي بدأتا تتورمان ، على الرغم أيضاً من أن الآهة عنى تبتعد ، وأنينها ما زال عنى يغيب ، فإن التجربة تستعذب خطواتي ، وأنا أقيسها.
لكن نزّاعة الوقت تفعل فعلها ، وذئب المكان منى يقترب .
لم أبال .
- الاختيار ممكن .
علىّ بالركونِ إلي الآهة ، أو السكن إلى الأنين ، أو أن أختار المنطقة الوسطى، لا خيار ثالث لي ، إلا ممارسة الهروب من الجميع .
فجأة خطرت علىّ فكرة الصعود إلى السماء ، والاقتراض منها نجمة من النجمات الفاتنات سحراً ودهشةً ، فالسماء واسعة وطيبة ، لن تبخل عنى بإحدى بارقاتها .
على كتفي سأحملها ، أنير بها طريقي ، وأغتال بها حيرتي
لابد أن كل الفواجع ستحترق ، والمواجع ستخرس لسان الألم ، لابد من أن الشكوى ستذوب من وهج النور ، وستتصلب الخضات بين ثنايا الروح .
ستكون المسافات كلها بداية لدرب جديد .
سيعلم الخلق أي معجزة قادر على الإتيان بها ، وسينتبه شيوخ القبيلة ، وأئمة القوم أي جسد كانوا يجلدون ، وأي روح كانوا سيزهقون .
الليل كان مساحة لاستيقاظ النجوم ، والقمر الأبهى يحرس طريقي إلى السماء ، وأنا اردد ابتهالاتي، قصائد من الوله كانت ، وكلما مررت على نجمة سردت، لها حكاية عشقي الأبدي ، فتفرج عن شفتيها ابتسامة حالمة وتسألني
- هل أمضى معك ؟
- اللعنة على الأشياء الدنيا ، والعلو يهبني سموه ، والدنيا ترفضني كائناتها.
زدت صعوداً .
بانت لي السفلي قدراً مضمحلاً متكوراً على نفسه, فاشمأزت نفسي منه ، وخطرت على ذهني مئات الخواطر حذفتها جانباً ،وأنا أدق باب إحدى النجمات.
خرجت علىّ ..
- ها أنت ذا ثانية.
تذكرها دفعة واحدة .
هي بعينها التي من قبل رأيتها
ذات حلم ،كنت مثلما الآن معها ، أتحدث معها تخاطراً ، أمضيت معها حلما في غاية الصفاء والنقاء، ولما حان موعد انصرافها، وعدتها بالمجيء إليها ثانية ، فمازال اللقاء معها لم ينته.
- تحب أن تحملني معك ، لتضيء بي غياهب مسافتك .
أعياك العد ، وأرهقك الاختيار ، يسار طريقك ،كان سمجاً ، وحقيراً ، يرعب الأبصار.
جميل أنك لم تلج يمين الطريق ، ماجن رصيفه ، فاسق بلاطه ، وواجهات جدرانه أبهة بالفساد مزدحمة، داخله مفقود ، وإن أفلح في مراوغة الاشتهاء ، سيظل داخل متاهة بألسنة لهيب الوهم مسيجة.
شعرت بالرضاء يغمرني ، أدركت أن خطواتي الهاربة قد فسحت إلى مجالاً للفرجة ، والضحك سخرية على فشل الغوايات.
نجمتي التي حلمتُ بها ،كانت منذ الغروب ، تخرج من مخدعها ، في انتظار كل فجر قد أتى .
ها هي ذي الآن فوق كتفي ، ونور ربنا يسطع من فوقى، أرى أفاقين ، يقطعون الطريق، بعادات شاذة ، واللصوص يسرقون الوطن ، والحية ، التي تأتيني في الكابوس عنوة ، تنفث سمها ، والجميع يتقى لسعتها ، بصرف النظر عنها ، فيما كانت كل يوم تزداد سمنةً ، واستطالاً لا يزعج خروجها عليهم إلا بعض الحجرات من الصبية تنطلق .
غير أن الخوف في النفوس كان يكبر ، والرقاد على البطون يزداد ، حتى أنك تضحكك مناظر المؤخرات،وهي دائماً عارية.

الصفحات