أنت هنا

قراءة كتاب علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

الشكر موصول لمجموعة من الأساتذة الذين تعلمت منهم علم النفس في مراحل مختلفة من حياتي· أخص منم في جامعة الخرطوم بالسودان أستاذي الجليل د· الزبير بشير طه الذي تعلمت على يديه مبادئ البحث العلمي من خلال إشرافه على رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة الخرطوم كما ت

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2

بالإضافة لهذه الأسبقيات، فإن علم النفس في التراث العربي الإسلامي، يتفوق عند البعض على علم النفس الحديث أو الغربي· فمثلا، التحليل النفسي الذي مارسه الغزالي عندما أصيب بحالة من الكآبة يعتقد أنه تفوق فيه على التحليل الذي قام به سانت أوغستين وفرويد (كمال وسرحان، 9 8 9 1)، وتفوق مزايا العلاج الإسلامي العلاج الحديث (عيسوي، 0 9 9 1)، كما أن ابن طفيل قد زاد مرحلة خامسة في النمو العقلي على مراحل بياجيه (طه، 5 9 9 1)·
وتظهر بعض المقاربات بين النص السيكولوجي والنص القرآني، مثلا، بين ولا أقسم بالنفس اللوامة) وبين الضمير الخلقي عند فرويد (عيسوي، 4 9 9 1)، ويعبر التعبير القرآني (يخادعون الله··· وبما كانوا يكذبون) عن وسائل الدفاع عن النفس؛ و(مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) بأنها تعبير عن الصراع النفسي· لمزيد من هذه العينة من الدراسات أنظر : الشناوي وتمراز (6 9 9 1) (دليل التأصيل الإسلامي لعلم النفس) والذي نشرته (جامعة الإمام محمد بين سعود الإسلامية) بالمملكة العربية السعودية ضمن مشروع طموح لرصد (سلسلة التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية)
من ناحية تاريخية فقد ارتقت بعض المعارف السيكولوجية في التراث العربي الإسلامي في الوقت الذي كان فيه التراث الأوربي راكدا، كما ارتقى علم النفس الغربي في الحاضر ، في الوقت الذي أضحى فيه التراث العلمي العربي الإسلامي ضحلا· ويلاحظ عدم اهتمام علماء النفس العرب بالوديعة المتروكة لهم في خزائن المخطوطات وكنوز مكتبات التراث العربي الإسلامي· وهناك غياب كامل للمخيال السيكولوجي العربي الذي ينظر للمساهمات الإسلامية الأصيلة، ومحاولة قراءتها، وربطها بالواقع الحالي لعلم النفس، أو على الأقل كيفية استلهام روح البحث القلقة للرواد· ويغيب في نفس الوقت المخيال السيكولوجي بالتأمل في الواقع العربي المعاصر والظواهر النفسية الخاصة بالعلاج النفسي أو علم النفس الإجتماعي أو علم النفس الفلكلوري أو علم النفس التربوي ومحاولة تطوير تقنياتها· كما يغيب المخيال السيكولوجي كذلك في وجود حساسية التمييز بين الغث والثمين في علم النفس اليورو-أمريكي· لذلك فإن بعض أبحاث التراث النفسي وأبحاث التجديد أو التأصيل الإسلامي لهذا التراث هي حركة مهمة في الاتجاه الصحيح· فإنها على الأقل تمنح علماء النفس الثقة بالنفس في محاولة صياغة علم نفس يستجيب للحساسية الثقافية للأفراد والجماعات في العالم العربي (الخليفة قيد النشر)·
وبوسعنا الآن أن نقدم ملاحظات عامة عن المساهمات السابقة من قبل علماء النفس العرب وبقية المهتمين بعلم النفس بخصوص مقاربة النص السيكولوجي والنص القرآني· وتكمن أهمية الدراسات المتعلقة بهذه المقاربات في اهتمامها بدراسة المصدر الأول للتشريع في الإسلام وهو القرآن الكريم· وبذلك تحاول هذه العينة من الدراسات، في جوهرها، إيجاد نوع من المقاربة أو التوفيق بين (النص القرآني) و(النص السيكولوجي)· ويلاحظ وجود مشكلة في (واو العطف) بين (قرآني) و(سيكولوجي) وبمعنى آخر، هناك مشكلة الانتقال بصورة منسابة من النص القرآني للنص السيكولوجي، أو بصورة معكوسة من النص السيكولوجي للنص القرآني· فليس هناك انسجام أو هارموني بلغة الموسيقى في كيفية التعامل مع منهجين أو مصدرين مختلفين· ويصعب جدا أن نجد معرفة متوازية للنصين (القرآني) و(السيكولوجي) بنفس القدر· لذلك فإن معظم المحاولات التقريبية أو التوفيقية كانت محاولات غير متماثلة، أو مائلة، بلغة الإحصاء، إما لليمين أو لليسار· ويبدو أن ثمة تبريرات لهذه العينة من التمايل·
كتب بعض هذه المحاولات أو الاجتهادات أفراد من خارج دائرة علم النفس بمعناه التخصصي· وغالبا ما كانت هذه المحاولات تنتقي النص القرآني الذي وردت فيه مفاهيم النفس الإنسانية· وغلب علي تلك الاجتهادات منهج التأمل وتفسير النصوص وتأويلها· وغالبا ما يكون هؤلاء الأفراد على معرفة أكثر بالنص القرآني مقارنة بالنص السيكولوجي· والجدير بالذكر أن البعض قد استوعب مقاربة النصوص القرآنية مقاربة جيدة مثل محاولة محمد قطب في كتابه (دراسات في النفس الإنسانية) أكثر من مقاربة كثير من علماء النفس العرب· فلقد حاول أن يزيل نوعا من التناقض بين النصين من خلال الغوص في معاني الآيات القرآنية·
جرت محاولات أخرى من قبل علماء النفس العرب· وغالبا ما تتم المعالجة في هذه الحالة من خلال التعامل مع النص السيكولوجي ومحاولة إيجاد مقاربة له مع النص القرآني، مثل محاولة مقاربة مفاهيم فرويد الثلاثية الشهيرة عن الهو (صوت الغريزة)، والأنا (صوت المجتمع)، والأنا الأعلى (صوت الضمير) بمفاهيم القرآن الكريم عن النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة، على التوالي· وعادة ما تكون هذه المجموعة ذات علاقة أقوى بالنص السيكولوجي مقارنة مع النص القرآني· ولكن تبقى بعض هذه المحاولات مجرد تلفيق بين نصين متضادين كالنص الفرويدي الذي ينظر للدين في كتاب (مستقبل وهم) بأنه عصاب جماعي عالمي وبين النص القرآني· وهنا بوسعنا التساؤل: ما هي جدوى مقاربة النص السيكولوجي بالنص القرآني أو بصورة معكوسة النص القرآني بالنص السيكولوجي؟

الصفحات