أنت هنا

قراءة كتاب علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

علم النفس التجريبي في التراث العربي الإسلامي

الشكر موصول لمجموعة من الأساتذة الذين تعلمت منهم علم النفس في مراحل مختلفة من حياتي· أخص منم في جامعة الخرطوم بالسودان أستاذي الجليل د· الزبير بشير طه الذي تعلمت على يديه مبادئ البحث العلمي من خلال إشرافه على رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة الخرطوم كما ت

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 8

لزبير بشير طه ومشروع تأصيل علم النفس

نشر بروفسر الزبير بشير طه، أستاذ علم النفس بجامعة الخرطوم، ورئيس قسم علم النفس، ومدير جامعة الخرطوم سابقا، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي في السودان عدة دراسات في دوريات عربية وفي بعض المؤتمرات الإقليمية والدولية عن علم النفس في التراث العربي الإسلامي · ونشرت المقالات مجتمعة في كتاب نشر بواسطة دار جامعة الخرطوم للنشر عام 5 9 9 1 بعنوان (علم النفس في التراث العربي الإسلامي) وإحدى مشكلات النشر في السودان هي عدم توزيع الكتاب خارج حدود السودان بذات الكيفية التي توزع بها الكتب التي تنشر في بيروت أو القاهرة· ونشر الكتاب ضمن مشروع ابتدره بروفسر إبراهيم أحمد عمر، وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق في السودان، بنشر ألف كتاب جامعي باللغة العربية· يقع الكتاب في 2 3 2 صفحة واحتوى على تسعة أبواب غطت موضوعات مختلفة عن علم النفس في التراث العربي الإسلامي·
وقد غطى الباب الأول: مفهوم التراث وخصائص علم النفس في التراث الإسلامي ومصادر سيكولوجيا التراث· وغطى الباب الثاني الفسلجة العصبية في كتاب القانون، والباب الثالث: النمو العقلي بين ابن طفيل وجان بياجيه، والباب الرابع: سايكوفيزياء الإبصار عند ابن الهيثم، والباب الخامس: الوظائف الذهنية وآلتها العصبية في التراث الإسلامي، والباب السادس: أسس وملامح نظرية التعلم في التراث الإسلامي ، والباب السابع الذكاء لدى الإمام ابن الجوزي، والباب الثامن: اضطرابات الذهان وأدويتها النفسية، والباب التاسع: كيف تأثر علم النفس المعاصر بسيكولوجيا التراث وفيه عالج الباحث قضية التأصيل الإسلامي لعلم النفس وبأن التراث أحد مواردها·
يقول المؤلف، بتواضع العلماء، في تقديم خطة كتابه مبينا حدود مؤلفه : (لم يكن من أغراض هذا الكتاب وليس في استطاعة مؤلفه الإحاطة بكافة المباحث النفسية في التراث الإسلامي، غير أنه كان من الضروري هنا تحديد الإسهامات السيكولوجية الرئيسية في هذا التراث وتحليل مفرداتها بمستوى معمق نسبيا، ومن ثم محاكمتها إلى الأدب السيكولوجي المعاصر) (ص· 1 2 )· وفي تأليفه للكتاب لقد تنازع المؤلف اتجاهان متنافران، على حسب تعبيره : (الاتجاه الكمي التجميعي ، والاتجاه النوعي التحليلي وقد آثر المؤلف الموازنة بين الاتجاهين مع تركيز على الثاني) (ص· 1 2 )· ويرصد المؤلف بملاحظة ذكية عدم وجود موسوعة واحدة جامعة للمعارف السيكولوجية مبينا أنها : ( معارف مجزأة بعضها في كتب التراث وبعضها في المصنفات الحديثة وبعضها نتاج جهود مؤسسية وبعضها بشكل مبادرات محدودة قام بها الأفراد· فالقصة الكاملة لسيكولوجيا التراث، إذن، لم تكتب بعد) (ص· 7 2 )· ولكن يبدو أن الباحث لم يكن أول من كتب فصلا كاملا عن قصة علم النفس في التراث العربي الإسلامي فحسب وإنما محاولة تأصيله كذلك·
لقد تساءل الباحث عن سبب التأصيل؟ وللإجابة عن ذلك السؤال ذكر أربعة مقتضيات جوهرية لتأصيل علم النفس في العالم العربي· وأول هذه المقتضيات، حسب قول المؤلف، بأن العلوم حاضن وناقل لقيم الثقافة التي نشأت في كنفها، وعلم النفس المعاصر بوجه أخص مشبع بقيم الثقافة الغربية وقد تكون بعض هذه القيم ميراثا بشريا عاما، ولكن الثقافة تتحدد وتعرف في الأساس بمجموعة متكاملة من الأطر القيمية تترابط فيما بينها· ويضيف الباحث بأن هناك فجوة كبيرة بين علم النفس في الغرب والشرق تولد الإحساس بالتلمذة والتبعية، وهنا تبرز الحاجة للتأصيل· ويميل الباحث للاعتقاد بأن السواد الأعظم من علماء النفس العرب والمسلمين سيكونون قادرين على المنافسة على القيادة العلمية فقط عندما يمارسون علم النفس داخل الأطر النظرية للثقافة التي تنشأوا عليها·
وثانيا: إن المقتضى الأول للتأصيل يصح حتى على افتراض أن علم النفس المعاصر مبرأ من العيوب، ذلك أنه لم يساهم كما هو مأمول منه في تحقيق المرمى الأسمى من العلوم الاجتماعية وهو: تحسين سلوك الإنسان والارتقاء به نحو حياة أفضل· ويضيف الباحث أن علم النفس لم يقدم مادة لها قيمتها العلمية إلى درجة جعلت بعض المختصين يصفون علم النفس مازحين ب (جماعة التبول اللاإرادي) وذلك إشارة لتفاهة الموضوعات التي ينهمك فيها بعضهم أحيانا مقارنة بإهمالهم النسبي لقضايا المجتمع والأسرة والبيئة· ويرتبط المقتضى الثالث للتأصيل بأهمية دور علم النفس في تشكيل الثقافة التي نشأ منها· وحسب قول الباحث لا يجوز للأمة أن تتنازل عن مسئوليتها الكاملة في القرار بِشأن ماذا، ولماذا، وكيف ُتُعَلِّم أبناءَها وبشأن تعديل السلوك وتحديد معيار السواء والشذوذ فيه، وبشأن دافعية البناء والولاء والانتماء وبشأن الإرشاد والتوجيه المعنوي في السلم والحرب، مثل هذه التطبيقات البيئية لعلم النفس، تنبع فقط من علم نفس أصيل وثيق الارتباط بثقافته·
ويتعلق المقتضى الرابع بالأبحاث المصنفة في علم النفس، فهناك أبحاث في علم النفس تجري في الخفاء لأغراض المنافسة الصناعية والصراعات الأمنية بين الدول، ولا تنشر نتائجها إلا بعد أن تفقد قيمتها العلمية والتقنية· وضرب الباحث مثلا لذلك بأبحاث الاستعدادات التي تطور الجيوش، وتقنيات التوجيه لرفع الكفاءة القتالية، واستراتيجيات التعلم التي تطور في القواعد الجوية، وطرق التنويم المغناطيسي وأساليب غسيل المخ لخدمة عمليات الاستجواب لدى وكالات الاستخبارات، ولكي تتضح أهمية التأصيل في هذا النوع من الأبحاث تكفي الإشارة إلى عمليات بناء اختبارات الاستعدادات وبصفة خاصة اختبارات الذكاء وتأثرها بالثقافة التي أنتجتها وعدم صلاحيتها للمستويات المختلفة داخل المجتمع الواحد·

الصفحات